التضحية بمعيبة القرن
قال الشافعي رحمه الله: " وليس فِي الْقَرْنِ نقصٌ فَيُضَحَّى بِالْجَلْحَاءِ وَالْمَكْسُورَةِ الْقَرْنِ أَكْبَرُ مِنْهَا دَمِيَ قَرْنُهَا أَوْ لَمْ يَدْمَ وَلَا تُجْزِئُ الْجَرْبَاءُ لِأَنَّهُ مرضٌ يُفْسِدُ لَحْمَهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ فَقْدُ الْقَرْنِ فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لَا يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ الضَّحَايَا خِلْقَةً وَبِحَادِثٍ، فَتَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ بِالْجَلْحَاءِ وَهِيَ الْجَمَّاءُ الَّتِي خُلِقَتْ لَا قَرْنَ لَهَا وَبِالْعَضْبَاءِ، وَهِيَ الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ سَوَاءٌ دَمِيَ مَوْضِعُ قَرْنِهَا بِالْكَسْرِ أَوْ لَمْ يَدْمَ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: فَقْدُ الْقَرْنِ مَانِعٌ مِنْ جَوَازِ الْأُضْحِيَّةِ خِلْقَةً وَكَسْرًا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِجَلْحَاءَ وَلَا عَضْبَاءَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ بِالْجَلْحَاءِ، وَلَا تَجُوزُ بِالْعَضْبَاءِ إِذَا دَمِيَ مَوْضِعُ قَرْنِهَا وَاسْتَدَلَّ النَّخَعِيُّ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ " نَهَى عَنِ الْأُضْحِيَّةِ بِالْعَضْبَاءِ ".
وَدَلِيلُنَا: مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ مَعْنَى الْمَنْعِ، وَهُوَ مَا أَفْقَدَ عضواً مأكولاً، أو فسد لَحْمًا مَقْصُودًا، وَلَيْسَ فِي فَقْدِ الْقَرْنِ وَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ، فَلَمْ يَمْنَعْ فَكَانَ النَّهْيُ مَحْمُولًا عَلَى الْكَرَاهَةِ دُونَ التَّحْرِيمِ، كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ " نَهَى عَنِ الْأُضْحِيَّةِ بِالْعَقْصَاءِ " وَهِيَ الْمُلْتَوِيَةُ الْقَرْنِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاخْتِيَارِ دُونَ الْإِجْزَاءِ، وَإِنْ كَانَتِ الْأُضْحِيَّةُ بِالْقَرْنَاءِ، أَفْضَلُ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " ضَحَّى بِعَضْبَاءِ الْأُذُنِ ".
وَحُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ الْعَضْبَاءَ إِذَا قُطِعَ مِنْهَا النِّصْفُ فما فوقه، فصار المراد به نصاً قَطْعَ الْأُذُنِ دُونَ الْقَرْنِ وَمِنْ أَعْجَبِ مَا يَقُولُهُ مَالِكٌ: أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ بِالْمَكْسُورَةِ الْقَرْنِ وَيَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ بِالْمَقْطُوعَةِ الْأُذُنِ وَالْقَرْنُ غَيْرُ مَأْكُولٍ وَالْأُذُنُ مَأْكُولَةٌ. الْقَوْلُ فِي وَقْتِ ذَبْحِ الأضحية
(مسألة:)
قال الشافعي: " وَلَا وَقْتَ لِلذَّبْحِ يَوْمَ الْأَضْحَى إِلَّا فِي قَدْرِ صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَذَلِكَ حِينَ حَلَّتِ الصَّلَاةُ وَقَدَّرَ خُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَإِذَا كَانَ هَذَا الْقَدْرُ فَقَدْ حَلَّ الذَّبْحُ لِكُلِّ أحدٍ حَيْثُ كَانَ فَأَمَّا صَلَاةٌ مَنْ بَعْدَهُ فَلَيْسَ فِيهَا وقتٌ ".