بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ، جَاءَ ثَابِتٌ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ بَاطَأَ الْيَهُودِيَّ عِنْدِي، وَقَدْ سَأَلَ أَنْ نَهَبَ لَهُ دَمَهُ، وَمَالَهُ، فَفَعَلَ، وَوَهَبَ لَهُ دَمَهُ وَمَالَهُ.
وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَسْتَرِقَّ رِجَالَهُمْ أَوْ يَأْخُذَ فِدَاهُمَ لَمْ يَجُزْ إِلَّا عَنْ مُرَاضَاتِهِمْ لِأَنَّهُ نَقْضُ حُكْمٍ نَفَذَ بِالِاسْتِئْنَافِ لِحُكْمٍ مُجَدَّدٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُحَكَّمُ فِيهِمْ قَدْ حَكَمَ بِالْمَنِّ عَلَى رِجَالِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ نَفَذَ حُكْمُهُ إِذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَجُزْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْسَخَ حُكْمَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْفِدَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُمْ حُكْمُهُ إِنْ كَانَ الْمَالُ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا يَلْزَمُ إِلَّا عَنْ مُرَاضَاةٍ، وَلَزِمَهُمْ حُكْمُهُ إِنْ كَانَ الْمَالُ مَقْدُورًا عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ حُكْمٌ مِنْهُ بِغَنِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ، فَنَفَذَ حُكْمُهُ بِهِ، وَإِنْ حَكَمَ بِاسْتِرْقَاقِهِمْ صَارُوا بِحُكْمِهِ رَقِيقًا وَلَمْ يَجُزْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ إِلَّا بِاسْتِطَابَةِ نُفُوسِ الْغَانِمِينَ، وَإِنْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالْجِزْيَةِ وَأَنْ يَكُونُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ لَمْ يَلْزَمْهُمْ حُكْمُهُ بِذَلِكَ، لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا يَصِحُّ إِلَّا عَنْ مُرَاضَاةٍ، وَلَوْ حَكَمَ بِقَتْلِهِمْ، فَأَسْلَمُوا سَقَطَ الْقَتْلُ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَجُزِ اسْتِرْقَاقُهُمْ وَلَوْ حَكَمَ اسْتِرْقَاقَهُمْ، فَأَسْلَمُوا لَمْ يَسْقُطِ اسْتِرْقَاقُهُمْ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ قتلهم بعد إسلامهم وبالله التوفيق.