قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: الْقَطْعُ يَجِبُ فِي جَمِيعِ الْأَمْوَالِ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ كَالطَّعَامِ الرَّطْبِ، أَوْ لَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا قَطْعَ فِيمَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ اسْتِدْلَالًا بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ) وَفِي الْكَثَرِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الْفَسِيلُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ جُمَّارُ النَّخْلِ.
وَرَوَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ؛ " لَا قَطْعَ فِي طَعَامٍ) .
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: ما كانت الْيَدُ تُقْطَعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ.
وَالتَّافِهُ الْحَقِيرُ، وَمَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ حَقِيرٌ.
وَلِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلْهَلَاكِ وَالتَّلَفِ فَلَمْ تُقْطَعْ فِيهِ الْيَدُ كَالَّذِي لَيْسَ بِمُحْرَزٍ.
وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ: " مَنْ سَرَقَ منه بعد أن يؤويه الجرين وبلغ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ الْقَطْعُ) فَنَفَى عَنْهُ الْقَطْعَ قَبْلَ الْجَرِينِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ، وَعَلَّقَ الْقَطْعَ بِهِ فِي الْجَرِينِ؛ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ.