الحاوي الكبير (صفحة 6191)

وَالثَّيِّبُ بِبَكْرٍ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ إذا زنت العاقلة بمجنون.

فأما الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ " إِنَّ وَطْءَ الْمَجْنُونِ لَيْسَ بِزِنَا) فَهُوَ أَنَّ حُكْمَ الزِّنَا ثَابِتٌ فِيهِ لِانْتِفَاءِ النَّسَبِ عَنْهُ، وَلَوِ ارْتَفَعَ حُكْمُ الزِّنَا عَنْهُ لَحِقَ النَّسَبُ بِهِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ لِارْتِفَاعِ الْقَلَمِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِ: " بِأَنَّ الْوَاطِئَ مَتْبُوعٌ) فَهُوَ بَاطِلٌ بِصِفَةِ الْحَدِّ لِمَا جَازَ أَنْ تُرْجَمَ الْمَوْطُوءَةُ وَإِنْ جُلِدَ الْوَاطِئُ، جَازَ أَنْ تُجْلَدَ الْمَوْطُوءَةُ وَإِنْ لَمْ يجلد الواطئ.

فإذا تقرر هذا فرع عليه الزنا في مستيقظ ونائم، فإن زنا رجل بنائمة حُدَّ دُونَهَا عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ كَزِنَا الْعَاقِلِ بِمَجْنُونَةٍ، وَإِنِ اسْتَدْخَلَتِ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ نَائِمٍ حُدَّتْ عِنْدَنَا، وَلَمْ تُحَدَّ عِنْدَهُ كَالْعَاقِلَةِ إِذَا زَنَتْ بِمَجْنُونٍ اعتباراً بسقوط الحد عن النائم، وما قدمناه دليل عليه في الموضعين وبالله التوفيق.

(مسألة)

قال الشافعي: " ثُمَّ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ؛ إِذَا رُجِمَ الزَّانِي أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ غَيْرِهِ مِنَ الْأَمْوَاتِ فِي غَسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَقُسِّمَ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، وَلَا يَمْنَعُ قَتْلُهُ فِي الْمَعْصِيَةِ مِنْ أَنْ تَجْرِيَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمَقْتُولِ قَوَدًا، وَلَمْ يُكْرَهْ لِلْإِمَامِ الْحَاكِمِ بِرَجْمِهِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، وَكَرِهَهَا مَالِكٌ لَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يُصَلِّ عَلَى مَاعِزٍ حِينَ رَجَمَهُ.

وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى عَلَى الَّتِي رَجَمَهَا مِنْ جُهَيْنَةَ وَأَحْسَبُهَا الْغَامِدِيَّةَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ترجمها ثُمَّ تُصَلِّي عَلَيْهَا فَقَالَ: " لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لو قسمت على سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ هَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا) .

وَجَلَدَ عَلِيُّ بن أبي طالب عليه السلام شراحة الهمدانية في يوم الخميس ورجمها يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَا تُكْرَهُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ فَلَمْ تُكْرَهْ لِلْإِمَامِ كَالصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الزَّانِي.

فَأَمَّا مَاعِزٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَأَخَّرَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِعَارِضٍ وَيَكْفِي أن يصلي عليها غيره.

(مسألة)

قال الشافعي: " وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْضُرَ رَجْمَهُ وَيَتْرُكَ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015