الحاوي الكبير (صفحة 6022)

(بَابُ مَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعْلَمَهُ مَنِ الذي له القسامة وكيف يقسم)

(مسألة)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وينبغي أَنْ يَقُولَ لَهُ مَنْ قَتَلَ صَاحِبَكَ؟ فَإِنْ قَالَ فُلَانٌ قَالَ وَحْدَهُ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قَالَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنْ قَالَ عَمْدًا سَأَلَهُ وَمَا الْعَمْدُ؟ فَإِنْ وَصَفَ مَا فِي مِثْلِهِ الْقِصَاصُ أُحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ وَصَفَ مِنَ الْعَمْدِ مَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ لم يحلفه عليه والعمد في ماله والخطأ على عاقلته في ثلاث سنين فإن قال قتله فلان ونفر معه لم يحلفه حتى يسمي النفر أو عددهم إن لم يعرفهم) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِنَّمَا يَسْمَعُ الْحَاكِمُ الدَّعْوَى لِلْحُكْمِ بِهَا وَلَيْسَ يَسْمَعُهَا لِيَعْلَمَ قَوْلَ الْمُدَّعِي فِيهَا وَالْحُكْمُ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِمَعْلُومٍ مُقَدَّرٍ لِمُعَيَّنٍ عَلَى مُعَيَّنٍ فَكَذَلِكَ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إِلَّا هَكَذَا لِيَصِحَّ لَهُ الْحُكْمُ فِيهَا، فَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ قَتْلَ أَبٍ لَهُ أَوْ أَخٍ سَأَلَهُ الْحَاكِمُ عَنْ قَاتِلِهِ لِتَتَوَجَّهَ الدَّعْوَى عَلَى مُعَيَّنٍ يَصِحُّ سُؤَالُهُ عَنْهَا فَإِذَا قَالَ قَتَلَهُ فَلَانٌ سَأَلَهُ: هَلْ قَتَلَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ، لِأَنَّ حُكْمَ الِانْفِرَادِ فِي الْقَتْلِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الِاشْتِرَاكِ فِيهِ. وله حالتان:

أحدهما: أَنْ يُفْرِدَهُ بِالْقَتْلِ.

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَجْعَلَهُ فِيهِ شَرِيكًا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ أَفْرَدَهُ بِالْقَتْلِ فَقَالَ قَتَلَهُ وَحْدَهُ سَأَلَهُ عَنِ الْقَتْلِ هَلْ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً؟ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَمْدِ مُخَالِفٌ لحكم الخطأ. وله حالتان:

أحدهما: أَنْ يَدَّعِيَ الْعَمْدَ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَدَّعِيَ الْخَطَأَ، فَإِنْ قَالَ قَتَلَهُ عَمْدًا سَأَلَهُ عَنِ الْعَمْدِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَتَصَوَّرُ قَتْلَ الْعَمْدِ فِيمَا لَيْسَ بِعَمْدٍ لِاخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِيمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ مِنَ الْعَمْدِ وَلَهُ حَالَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَصِفَهُ بِمَا يَكُونُ عَمْدًا.

وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَصِفَهُ بِمَا لَا يَكُونُ عَمْدًا فَإِنْ وَصَفَهُ بِمَا يَكُونُ عَمْدًا فَقَدْ كَمَلَتْ حِينَئِذٍ الدَّعْوَى وَجَازَ لِلْحَاكِمِ سُؤَالُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهَا وَكَمَالُهَا بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ تُعِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. ثُمَّ ذَكَرَ الِانْفِرَادَ وَالِاشْتِرَاكَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْعَمْدَ أَوِ الْخَطَأَ، ثُمَّ صِفَتَهُ بما يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015