إِتْلَافٍ، وَاسْتِهْلَاكٍ، إِمَّا لِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ، لَزِمَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ مَا كَانَ حَجْرُهُ بَاقِيًا فَإِذَا فُكَّ حَجْرُهُ غَرِمَهُ، وَإِنْ كَانَ عَنْ مُعَامَلَةٍ وَمُرَاضَاةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.
كَمَا يَلْزَمُهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَلَا يَلْزَمُهُ غُرْمُهُ بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَالْجِنَايَةُ خِلَافُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ دُيُونَ الْمُرَاضَاةِ كَانَتْ بِاخْتِيَارِ صَاحِبِهَا فَصَارَ هُوَ الْمُسْتَهْلِكَ لَهَا بِإِعْطَائِهِ إِيَّاهَا وَدُيُونَ الْجِنَايَاتِ وَالِاسْتِهْلَاكِ عَنِ الْمُرَاضَاةِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ صَاحِبِهَا مَا يُوجِبُ سُقُوطَ غُرْمِهَا فَافْتَرَقَا مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الرُّجُوعِ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ، فَعَلَى هَذَا إِنِ اسْتَحَقَّ الْغُرْمَ فِي اسْتِهْلَاكِ مَالِ عَمَلٍ غَرِمَهُ عِنْدَ فَكِّ حَجْرِهِ لِأَنَّ غُرْمَ الْأَمْوَالِ الْمُسْتَهْلَكَةِ مُعَجَّلٌ وَإِنِ اسْتُحِقَّ فِي دِيَةِ خَطَأٍ يَلْزَمُ تَأْجِيلُهَا فَفِي ابْتِدَاءِ الْأَجَلِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ لِوُجُوبِهَا بِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: مَنْ وَقْتِ فَكِّ حَجْرِهِ لِأَنَّهُ بِفَكِّ الْحَجْرِ صَارَ مِنْ أَهْلِ غُرْمِهَا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.