أحدهما: أن يدفعه إليها للخدمة.
والثاني: أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَيْهَا لِلتَّمْلِيكِ، فَإِنْ أَخَذَهَا إِيَّاهُ. وَلَمْ يَمْلِكْهَا، فَالسَّيِّدُ هُوَ الَّذِي يُقْسِمُ دُونَهَا، كَمَا يُقْسِمُ فِي سَائِرِ عَبِيدِهِ فَلَوْ وَصَّى لَهَا بِثَمَنِهِ قَبْلَ قَسَامَتِهِ فَلَهَا قِيمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرَّ مُلْكُهُ عَلَيْهَا صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْمُلْكِ كَمَا تَصِحُّ وَصِيِّتُهُ بِثَمَنِ نَخْلِهِ وَنِتَاجِ مَاشِيَتِهِ وَلَا تَمْتَنِعُ وَصِيَّتُهُ لِأُمِّ وَلَدِهِ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ وَصَّيْتُهُ لِعَبْدِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تُمْلَكُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأُمُّ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِهِ حُرَّةٌ وَعَبْدُهُ مَمْلُوكٌ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْقَسَامَةِ أَقْسَمَ الْوَرَثَةُ دُونَهَا فَإِنْ أَقْسَمُوا مَلَكَتْ أَمُّ الْوَلَدِ قِيمَتَهُ بِالْوَصِيَّةِ إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنْهَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ مَوْقُوفَةً عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ.
وَإِنِ امْتَنَعَ الْوَرَثَةُ مِنَ الْقَسَامَةِ وَأَجَابَتْ أَمُّ الْوَلَدِ إِلَيْهَا فَفِي اسْتِحْقَاقِهَا لِلْقَسَامَةِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَسْتَحِقُّهَا وَلَهَا الْقَسَامَةُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَهَا بِالْوَصِيَّةِ فَصَارَتْ مُسْتَحَقَّةً فِي حَقِّهَا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ المنصوص عليه هاهنا لَا قَسَامَةَ لَهَا لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّ الْأَيْمَانَ على غيرها فصارت فيها نائبة عنهم النيابة فِي الْأَيْمَانِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا الْبَيِّنَةُ الَّتِي لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ.
وَالثَّانِي: إِنَّهَا تَمْلِكُ بِالْوَصِيَّةِ مَا اسْتَقَرَّ مِلْكُ الْمُوصَى عَلَيْهِ وَالْمُوصِي لَا يَمْلِكُ إِلَّا مَا كَانَ هُوَ الْمُقْسِمُ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ مِنْ قرابته وَأَصَلُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ اخْتِلَافُ قَوْلَيْهِ فِي الْمُفْلِسِ إِذَا نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ فِي دَيْنٍ لَهُ وَأَجَابَ غُرَمَاؤُهُ إِلَى الْيَمِينِ.
فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ مَلَّكَ أُمَّ وَلَدِهِ الْعَبْدَ حِينَ دَفَعَهُ إِلَيْهَا كَانَ حُكْمُهَا فِيهِ حُكْمَ الْعَبِيدِ إِذَا ملكوا، هل يملكوه بِالتَّمْلِيكِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ تَمْلِكُ أُمُّ الْوَلَدِ وَغَيْرُهَا مِنَ الْعَبِيدِ إِذَا مَلَكُوا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: - وَبِهِ قَالَ فِي الْجَدِيدِ - إِنَّهَا لَا تَمْلِكُ وَلَا غَيْرُهَا مِنَ الْعَبِيدِ فَإِنْ مَلَكُوا: فَإِنْ قُلْنَا بِهَذَا الْقَوْلِ إِنَّهَا لَا تَمْلِكُهُ وَإِنْ مَلَكَتْ كَانَ حُكْمُ الْعَبْدِ إِذَا قُتِلَ كَحُكْمِهِ فِيمَا مَضَى يَكُونُ السَّيِّدُ هُوَ الْمُقَسِمَ فِي قَتْلِهِ دُونَهَا، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ إِنَّهَا تَمْلِكُ إِذَا مَلَكَتْ فَهَلْ تَسْتَحِقُّ الْقَسَامَةَ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّهَا هِيَ الْمُقْسِمَةُ دُونَ السَّيِّدِ لِاخْتِصَاصِهَا بِمِلْكِهِ فَعَلَى هَذَا تَصِيرُ مَالِكَةً لِلْقِيمَةِ بِالتَّمْلِيكِ الْأَوَّلِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّ السَّيِّدَ هُوَ الْمُقْسِمُ دُونَهَا وَلِأَنَّ مِلْكَهَا غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، لِمَا يستحقه