بِالثَّانِي وَهُوَ تَخْرِيجُ الرَّبِيعِ إِنَّهُ يَكُونُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ اعْتِبَارًا بِشُرْبِ الْمُرْتَضَعِ فَوَجْهُهُ أَنَّ جِهَتَهُ أَقْوَى مِنْ جِهَةِ الْمُرْضِعَةِ لِوُقُوعِ التَّحْرِيمِ بِوُصُولِ اللَّبَنِ إِلَيْهِ لَا بِانْفِصَالِهِ عَنْهَا، وَلِأَنَّ الْحَالِفَ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مَرَّةً إِذَا جُمِعَ لَهُ الطَّعَامُ فَأَكَلَهُ مِرَارًا حَنِثَ اعْتِبَارًا بِأَكْلِهِ لَا يجمعه كَذَلِكَ الرَّضَاعُ.
وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يُحْلَبَ لَبَنُهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي خَمْسَةِ أَوَانِي، وَيَشْرَبَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَفِيهِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ:
أَحَدَهُمَا: يَكُونُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ اعْتِبَارًا بِفِعْلِ الْمُرْضِعِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ رَضْعَةً وَاحِدَةً اعْتِبَارًا بِشُرْبِ الْمُرْتَضَعِ.
وَأَمَّا إِذَا حُلِبَ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي خمس اواني ثُمَّ جُمِعَ فِي إِنَاءٍ وَشَرِبَهُ الْمُرْتَضَعُ فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ فَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أنه يكون خمس رَضَعَاتٍ اعْتِبَارًا بِوُجُودِ الْعَدَدِ فِي الِانْفِصَالِ وَالِاتِّصَالِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُعْتَبَرُ بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ كَالْحَلْبَةِ الْوَاحِدَةِ يَشْرَبُهَا الْمُرْتَضَعُ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَيَكُونُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ فِيهِ صَارَ شَارِبًا فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ كُلِّ حَلْبَةٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ بَعْدَ وُجُودِ التفرقة.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ تَزَوَّجَ صَغِيرَةً ثُمَّ أَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوِ ابْنَتُهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوِ امْرَأَةُ ابْنِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ بِلَبَنِ ابْنِهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّغِيرَةُ أَبَدًا وَكَانَ لَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَرَجَعَ عَلَى الَّتِي أَرْضَعَتْهَا بِنِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِهَا لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَفْسَدَ شَيْئًا لَزِمَهُ قِيمَةُ مَا أَفْسَدَ بِخَطَأٍ أَوْ عَمْدٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ صَغِيرَةً لَهَا دُونَ الْحَوْلَيْنِ، فَأَرْضَعَتْهَا ذَاتُ قُرَابَةٍ لَهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فَالْكَلَامُ فِيهَا يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ:
أَحَدُهَا: فِي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: فِيمَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ الصَّغِيرَةُ الْمُرْضَعَةُ.
وَالثَّالِثُ: فِيمَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَى الْكَبِيرَةِ الْمُرْضِعَةِ.
فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ فَهُوَ أَنْ يُعْتَبَرَ حَالُ الْمُرْضِعَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ ابْنَتُهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّغِيرَةُ بِرِضَاعِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَنْ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ ابْنَتُهَا لَمْ تَحْرُمِ الصَّغِيرَةُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُنْظَرَ حَالُ الْمُرْضِعَةِ، فَإِنْ كَانَتْ أُمَّ الزَّوْجِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ حَرُمَتِ الصَّغِيرَةُ، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْضَعَتْهَا إِحْدَى جَدَّاتِهِ، لِأَنَّهَا صَارَتْ خَالَتَهُ، وَلَوْ أَرْضَعَتْهَا ابْنَتُهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ حَرُمَتِ الصَّغِيرَةُ، لِأَنَّهَا صَارَتْ