وَالثَّانِي: أَنَّ قَدْرَ حَيْضِهَا يَكُونُ مُخْتَلِفًا فَيَكُونُ حَيْضُهَا بِالتَّلْفِيقِ فِي كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِذَا لَمْ تُلَفِّقْ فَفِي قَدْرِ مَا تَرُدُّ إِلَيْهِ مِنَ الْحَيْضِ فِي كُلِّ شَهْرٍ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: سِتَّةُ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةُ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّتْ إِلَى السِّتَّةِ أَيَّامٍ كَانَ حَيْضُهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، لِأَنَّهَا فِي السَّادِسِ فِي طُهْرٍ لَمْ يَتَّصِلْ بِدَمِ الْحَيْضِ، وَإِنْ رَدَّتْ إِلَى سَبْعَةِ أَيَّامٍ كَانَ جَمِيعُهَا حَيْضًا.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ حَيْضَهَا فِي التَّلْفِيقِ يَكُونُ مُتَفَرِّقًا وَكَذَلِكَ طُهْرُهَا، وَإِنْ لَمْ تُلَفِّقْ كَانَ مُجْمَعًا، وَأَمَّا الْعِدَّةُ فَتَقَارَبَ الْقَوْلَانِ فِيهِمَا وإن كان بينهما فرق تقدم ذكره يكون انْقِضَاؤُهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَقَدْ مَضَى مِنَ التَّلْفِيقِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ مَا أَغْنَى مِنْ إِعَادَتِهِ.
قال الشافعي: " وَلَوْ تَبَاعَدَ حَيْضُهَا فَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْحَيْضِ حَتَّى تَبْلُغَ السِّنَ الَّتِي مَنْ بَلَغَهَا لَمْ تَحِضْ بَعْدَهَا مِنَ الْمُؤَيَّسَاتِ اللَّاتِي جَعَلَ اللَّهُ عدتهن ثلاثة أشهر فاستقبلت ثلاثة أشهر. وقد روي عن ابن مسعود وغيره مثل هذا وهو يشبه ظاهر القرآن وقال عثمان لعلي وزيد في امرأة حبان بن منقذ طلقها وهو صحيح وهي ترضع فأقامت تسعة عشرة شهراً لا تحيض ثم مرض: ما تريان؟ قالا نرى أنها ترثه إن مات وَيَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْقَوَاعِدِ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ وَلَيْسَتْ مِنَ الْأَبْكَارِ اللَّاتِي لَمْ يَبْلُغْنَ الْمَحِيضَ ثُمَّ هِيَ عَلَى عدة حَيْضِهَا مَا كَانَ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فَرَجَعَ حبان إلى أهله فاخذ ابنته فلما فقدت الرَّضَاعَ حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ تُوُفِّيَ حِبَّانُ قَبْلَ الثالثة فاعتدت عدة المتوفى عنها وورثته. وقال عطاء كما قال الله تعالى إذا يئست اعتدت ثلاثة اشهر (قال الشافعي) رحمه الله: في قول عمر رضي الله عنه في التي رفعتها حيضتها تنتظر تسعة أشهر فإن بان بها حمل فذلك وإلا اعتدت بعد التسعة ثلاثة أشهر ثم حلت يحتمل قوله قد بلغت السن التي من بلغها من نسائها يئسن فلا يكون مخالفا لقول ابن مسعود رضي الله عنه وذلك وجه عندنا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ لِلْمُعْتَدَّةِ إِذَا تَأَخَّرَ حَيْضُهَا قَبْلَ وَقْتِ الْإِيَاسِ حَالَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ بِسَبَبٍ مَعْرُوفٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ رَضَاعٍ فَتَكُونَ بَاقِيَةً فِي عِدَّتِهَا، وَإِنْ تَطَاوَلَتْ مُدَّتُهَا حتى يعاودها الحيض فتعد بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ رُوِيَ أَنَّ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ فَأَقَامَتْ تِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا لَا تَحِيضُ ثُمَّ مَرِضَ حِبَّانُ فَقَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ وَزَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَا تَرَيَانِ فِي امْرَأَةِ حِبَّانَ فَقَالَا: نَرَى أَنَّهَا تَرِثُهُ وَيَرِثُهَا إِنْ