والثاني: أنه سب وَقَعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ فَخَالَفَ حُكْمَ الْفِطْرِ عَنِ اخْتِيَارٍ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ زَمَانَهُ يُنَافِي الصَّوْمَ فَأَشْبَهَ اللَّيْلَ وَخَالَفَ الزَّمَانَ الَّذِي لَا يُنَافِي الصَّوْمَ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّهَا لَا تَقْدِرُ فِي الْأَغْلَبِ مِنْ عَادَاتِ النِّسَاءِ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ لَا حَيْضَ فِيهِمَا فَلَمْ تُكَلَّفْ مَا لَا قُدْرَةَ لَهَا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ فِطْرُهَا بِالنِّفَاسِ لَا يُقْطَعُ بِهِ التَّتَابُعُ وَقَدْ كَانَ يَقْتَضِي عَلَى التَّعْلِيلِ الرَّابِعِ أَنْ يَبْطُلَ بِهِ التَّتَابُعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَالِبٍ وتقدم على صوم شهرين لإنفاس فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى صَوْمِ شَهْرَيْنِ لَا حَيْضَ فِيهِمَا لَكِنَّ حُكْمَ النِّفَاسِ مُلْحَقٌ بِالْحَيْضِ فَأَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَهُ وَإِنْ أَخَلَّ بِبَعْضِ عِلَلِهِ.
وَالْعُذْرُ الثَّانِي: الْمَرَضُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحَيْضِ فَإِذَا أَفْطَرَ بِهِ فِي صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ فَفِي بُطْلَانِ تَتَابُعِهِ قَوْلَانِ: -
أَحَدُهُمَا: قَالَهُ فِي الْقَدِيمِ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِهِ يَجُوزُ الْبِنَاءُ تَعْلِيلًا بِمَعْنَيَيْنِ مِنَ الْأَرْبَعَةِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فِطْرٌ بِعُذْرٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّ سَبَبَهُ وَاقِعٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ أَنَّ التَّتَابُعَ قَدْ بَطَلَ تَعْلِيلًا بِمَعْنَيَيْنِ مِنَ الْأَرْبَعَةِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَرَضَ لَا يُنَافِي الصَّوْمَ بِخِلَافِ الْحَيْضِ لِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الْمَرَضِ مُجْزِئٌ وَفِي الْحَيْضِ غَيْرُ مُجْزِئٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُمْكِنُ فِي الْأَغْلَبِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ لَا مَرَضَ فِيهِمَا وَلَا يُمْكِنُ فِي الْأَغْلَبِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ لَا حَيْضَ فِيهِمَا.
وَالْعُذْرُ الثَّالِثُ: الْفِطْرُ بِالسَّفَرِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفِطْرِ بِالْمَرَضِ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْفِطْرَ بِالْمَرَضِ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَانَ الْفِطْرُ بِالسَّفَرِ أَوْلَى أَنْ يَقْطَعَ التَّتَابُعَ لِوُجُودِ عِلَّتَيْنِ وَهُمَا أَنَّهُ لَا يُنَافِي الصَّوْمَ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ فِي الْأَغْلَبِ خُلُوُّهُ مِنَ السَّفَرِ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْمَرَضَ لَا يُبْطِلُ التَّتَابُعَ لِعِلَّتَيْنِ فَهَلْ يُبْطِلُهُ الْفِطْرُ بِالسَّفَرِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ لِاخْتِلَافِ الْعِلَّتَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُبْطِلُ التَّتَابُعَ تَعْلِيلًا بِأَنَّهُ فِطْرٌ بِعُذْرٍ فَاسْتَوَيَا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُبْطِلُ التَّتَابُعَ تَعْلِيلًا بِأَنَّهُ سَبَبٌ وَقَعَ بِاخْتِيَارٍ فَخَالَفَ الْمَرَضَ الْوَاقِعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ.