رَحِيمٌ} [البقرة: 226] خَاصٌّ فِي غُفْرَانِ مَأْثَمِ الْإِيلَاءِ وَالْكُفَّارُ قَدْ يُغْفَرُ لَهُمْ مَأْثَمُ الْمَظَالِمِ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَلَا يُغْفَرُ لَهُمْ مَأْثَمُ الْأَدْيَانِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا حُكِمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ اللَّهِ فِي الْمُولِي الْمُسْلِمِ مِنْ تَرَبُّصِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ مُطَالَبَتِهِ بَعْدَهَا بِالْفَيْئَةِ أَوِ الطَّلَاقِ فَإِنْ فَعَلَ أَحَدَهُمَا وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ فِي أَصَحِّ القولين والله أعلم.
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَإِذَا كَانَ الْعَرَبِيُّ يَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ الْعَجَمِ وَآلَى بِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ مِنْهَا فَهُوَ مُولٍ فِي الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِأَعْجَمِيَّةٍ فَقَالَ مَا عَرَفْتُ مَا قُلْتُ وَمَا أَرَدْتُ إيْلَاءً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا آلَى الْعَرَبِيُّ بِالْأَعْجَمِيَّةِ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَعْرِفَ الْأَعْجَمِيَّةَ وَيَتَكَلَّمَ بِهَا فَهَذَا يَكُونُ مُولِيًا بِهَا كَمَا يَكُونُ مُولِيًا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَخْتَصُّ بِلِسَانٍ دُونَ لِسَانٍ وَلَيْسَ مَا يَقِفُ على العربية إلا بالقرآن، وَمَا سِوَاهُ فَيَجُوزُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْهُ بِكُلِّ لسان، فلو قال قتله وما أرادت بِهِ الْإِيلَاءَ، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِي هَذَا الظاهر، ولم يدين فِي الْبَاطِنِ كَمَا لَوِ ادَّعَى ذَلِكَ فِي اللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَعْرِفَ الْأَعْجَمِيَّةَ لَكِنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ فَيَكُونُ مُولِيًا بِهَا، فَإِنْ قال ما أرادت الْإِيلَاءَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِي الظَّاهِرِ وَدِينَ فِي الْبَاطِنِ، لِأَنَّ تَرْكَهُ الْكَلَامَ بِهَا يَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ دِينَ فِيهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَعْرِفَ الْعَجَمِيَّةَ فَيُسْأَلُ عَنْ ذلك، فإن قال أرادت بِهِ الْإِيلَاءَ كَانَ مُولِيًا بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ قَالَ مَا عَرَفْتُهُ وَلَا أَرَدْتُ بِهِ الْإِيلَاءَ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَلَا نَجْعَلُهُ مُولِيًا فِي الظَّاهِرِ وَلَا فِي الْبَاطِنِ وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى الْمَرْأَةِ، فَإِذَا حَلَفَتْ حُكِمَ عليه الإيلاء، وَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا إِيلَاءَ عَلَيْهِ، وَهَكَذَا الْأَعْجَمِيُّ إِذَا آلَى بِالْعَرَبِيَّةِ كَانَ عَلَى هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ الثلاثة والله أعلم.
(مسألة:)
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ آلَى ثُمَّ آلَى فَإِنْ حَنِثَ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَإِنْ أَرَادَ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ الْأُولَى فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهَا فَأُحِبُّ كَفَّارَتَيْنِ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا آلَى مَرَّةً ثُمَّ آلَى ثَانِيَةً انْقَسَمَ حَالُهُ فِيهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْيَمِينَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ وَعَلَى زَمَانَيْنِ كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَا أَطَؤُكِ سَنَةً