[القسم الثالث في الطلاق الذي ليس فيه سنة ولا بدعة]
وَأَمَّا الَّتِي لَا سُنَّةَ فِي طَلَاقِهَا وَلَا بِدْعَةَ فَخَمْسٌ: الصَّغِيرَةُ وَالْمُويِسَةُ وَالْحَامِلُ وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا وَالْمُخْتَلِعَةُ.
أَمَّا الصَّغِيرَةُ وَالْمُويِسَةُ فَلِاعْتِدَادِهِمَا بِالشُّهُورِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِحَيْضٍ وَلَا طُهْرٍ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فَيُؤَثِّرُ فِيهَا حَيْضٌ أَوْ طُهْرٌ. وَأَمَّا الْمُخْتَلِعَةُ فَلِأَنَّ خَوْفَهُمَا مِنْ أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ يَقْتَضِي تَعْجِيلَ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ سُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ.
وَإِذَا انْقَسَمَ الطَّلَاقُ عَلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ فَقِسْمَانِ مِنْهُمَا يُجْمَعُ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِمَا:
أَحَدُهُمَا: طَلَاقُ السُّنَّةِ، مُجْمَعٌ عَلَى وُقُوعِهِ.
وَالثَّانِي: مَا لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ مُجْمَعٌ عَلَى وُقُوعِهِ.
وَالثَّالِثُ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ طَلَاقُ الْبِدْعَةِ فِي حَيْضٍ أَوْ فِي طُهْرٍ مُجَامَعٍ فِيهِ. فَهُوَ مَحْظُورٌ مُحَرَّمٌ بِوِفَاقٍ. وَاخْتُلِفَ فِي وُقُوعِهِ مَعَ تَحْرِيمِهِ. فَمَذْهَبُنَا إِنَّهُ وَاقِعٌ وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا. وَهُوَ قَوْلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.
وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ وَالسَّبْعَةِ وَبَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ غَيْرُ وَاقِعٍ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق 1] فَاقْتَضَى ذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي الْوُقُوعِ كَمَا اقْتَضَى الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي التَّحْرِيمِ.
وَبِمَا روى أن ابن جريج عَنْ أَبَى الزُّبَيْرِ: قَالَ: سَأَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَيْمَنَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ طَلَّقْتُ زَوْجَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ ذَلِكَ فَرَدَّهَا عَلَيَّ وَلَمْ يَرَهُ شَيْئًا وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ. وَلَوْ وَقَعَ لَرَآهُ شَيْئًا.
وَلِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يَحْرُمُ فِي وَقْتٍ وَهُوَ فِي الْعِدَّةِ وَالْإِحْرَامِ كَمَا يَحْرُمُ الطَّلَاقُ فِي وَقْتٍ وَهُوَ الْحَيْضُ وَالطُّهْرُ الْمُجَامَعُ فِيهِ.
ثُمَّ كَانَ عَقْدُ النِّكَاحِ فِي وَقْتِ تَحْرِيمِهِ بَاطِلًا. وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بِمَثَابَةِ إِذَا وَقَعَ فِي وَقْتِ تَحْرِيمِهِ.