الصَّدَقَاتِ فَجَازَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ السُّهْمَانِ وَمَا يُعْطِيهِ الْوَالِي هُوَ جَمِيعُ الصَّدَقَاتِ فَوَجَبَ أَنْ يُفَرِّقَهُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ السُّهْمَانِ فَهَذَا قِسْمٌ ثَانٍ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونُوا أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ كَأَنَّهُ وَجَدَ وَاحِدًا لَمْ يَرَ سِوَاهُ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ السَّهْمُ أَكْثَرَ مِنْ كِفَايَتِهِ فَيُعْطَى مِنْهُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ، وَفِيمَنْ يُنْقَلُ إِلَيْهِ الْفَاضِلُ مِنْهُ الْوَجْهَانَ الْمَاضِيَانِ:
أَحَدُهُمَا: إِلَى بَاقِي الْأَصْنَافِ.
وَالثَّانِي: إِلَى ذَلِكَ الصِّنْفِ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ السَّهْمُ كُلُّهُ بِقَدْرِ كِفَايَةِ هَذَا الْوَاحِدِ، فَفِي جَوَازِ دَفْعِ جَمِيعِهِ إِلَيْهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ السَّهْمِ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ الْأَصْنَافِ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ سِوَاهُ جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ الصِّنْفِ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ سِوَاهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنَ السَّهْمِ إِلَّا ثُلُثَهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهُ لِجَمْعٍ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ، وَيُنْقَلُ بَاقِي السَّهْمِ، وَهُوَ ثُلُثَاهُ إِلَى ذَلِكَ الصِّنْفِ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ وَلَا يعاد على باقي الأصناف.
قال الشافعي: " ويقسم لِلْعَامِلِ بِمَعْنَى الْكِفَايَةِ وَابْنِ السَّبِيلِ بِمَعْنَى الْبَلَاغِ لِأَنِّي لَوْ أَعْطَيْتُ الْعَامِلَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالْغَازِيَ بالاسم لم يسقط عن العامل اسم العامل ما لم يعزل ولا عن ابن السبيل اسم ابن السبيل ما دام مجتازا أو يريد الاجتياز ولا عن الغازي ما كان على الشخوص للغزو ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا قَصْدُ الشَّافِعِيِّ بِذَلِكَ تَمْيِيزُ أَهْلِ السُّهْمَانِ، وَأَنَّهُمْ صِنْفَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا يُعْطَى بِالِاسْمِ حَتَّى يَزُولَ عَنْهُ.
وَالثَّانِي: مَنْ يُعْطَى لِمَعْنًى يَقْتَرِنُ بِالِاسْمِ، لَا يُرَاعِي زَوَالَهُ عَنْهُ، فَأَمَّا الْمُعْطَوْنَ بِالِاسْمِ حَتَّى يَزُولَ عَنْهُمْ فَأَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ.
الْفُقَرَاءُ يُعْطَوْنَ حَتَّى يَسْتَغْنُوا فَيَزُولُ عَنْهُمُ اسْمُ الْفَقْرِ وَالْمَسَاكِينُ يُعْطَوْنَ حَتَّى يَسْتَغْنُوا فَيَزُولَ عَنْهُمُ اسْمُ الْمَسْكَنَةِ، وَالْمُكَاتَبُونَ يُعْطَوْنَ حَتَّى يُعْتَقُوا فَيَزُولَ عَنْهُمُ اسْمُ الْكِتَابَةِ، وَالْغَارِمُونَ يُعْطَوْنَ حَتَّى يَقْضُوا دُيُونَهُمْ، فَيَزُولَ عَنْهُمُ اسْمُ الْغُرْمِ، فَأَمَّا الْمُعْطَوْنَ لِمَعْنًى يَقْتَرِنُ بِالِاسْمِ وَلَا يُرَاعَى زَوَالُ الِاسْمِ عَنْهُ فَأَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ.
الْعَامِلُونَ يُعْطَوْنَ أُجُورَهُمْ وَإِنْ سُمُّوا بَعْدَ الْأَخْذِ عُمَّالًا.
وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ يُعْطَوْنَ وَإِنْ سُمُّوا بَعْدَ الْأَخْذِ مُؤَلَّفَةً.