أَحَدُهُمَا: مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ لِكُفْرِهِ.
وَالثَّانِي: لِنَقْصِهِ.
فَأَمَّا مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ بِكُفْرِهِ كَالْمُشْرِكِ إِذَا قَتَلَ مُشْرِكًا فَلَا سَلَبَ لَهُ إِنْ قُتِلَ؛ لِأَنَّ السَّلَبَ غَنِيمَةٌ نَقَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُنْقَلَ عَنْهُمْ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَإِنَّمَا يُعْطَوْنَ إِذَا قَاتَلُوا أَجْرًا مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لَا سَهْمًا مِنَ الْغَنِيمَةِ.
وَأَمَّا مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ لِنَقْصِهِ كَالْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ، وَالنِّسَاءِ فَفِي اسْتِحْقَاقِهِمْ فِي السَّلَبِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي السَّلَبِ، هَلْ هُوَ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ أَوْ بَيَانٌ لِمُجْمَلِ الْآيَةِ؟ فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُعْطِيَهُ الْقَاتِلُ عَبْدًا كَانَ أَوْ صَبِيًّا أَوِ امْرَأَةً؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ " وَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ بَيَانٌ لِمُجْمَلِ الْآيَةِ لَمْ يُعْطَ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَإِنْ كَانُوا قَاتِلِينَ؛ لِأَنَّ تَمَلُّكَ السَّهْمِ مِنَ الْغَنِيمَةِ مُسْتَحَقٌّ لِمُجَرَّدِ الْحُضُورِ؛ فَلَمَّا ضَعُفُوا عَنْ تَمَلُّكِهِ كَانُوا عَنْ تَمَلُّكِ السَّلَبِ أَضْعَفَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا مَنْ يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ مِنَ الْمَقْتُولِينَ فَهُمْ مَنْ جَازَ قَتْلُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَالْمُشْرِكُونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مُقَاتِلَةٌ ومن دونهم، من الذُّرِّيَّةِ، وَمَنْ فَوْقَهُمْ مِنَ الشُّيُوخِ وَالرُّهْبَانِ.
فَأَمَّا الْمُقَاتِلَةُ فَسَلَبُ مَنْ قُتِلَ سَهْمٌ لِقَاتِلِهِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُمْ مُبَاحٌ لَهُ، سَوَاءٌ قَاتَلُوا أَوْ لَمْ يُقَاتِلُوا.
وَأَمَّا الذُّرِّيَّةُ وَهُمُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَإِنْ قَاتَلُوا كَانَ قَتْلُهُمْ مُبَاحًا وَلِلْقَاتِلِ سَلَبُ مَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا حَرُمَ قَتْلُهُمْ؛ لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ، وَلَا سَلَبَ لِقَاتِلِهِمْ؛ لِحَظْرِ قَتْلِهِمْ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يَكُونُ مَغْنُومًا؛ لِأَنَّهُ مَالُ مُشْرِكٍ.
وَأَمَّا الشُّيُوخُ وَالرُّهْبَانُ فَإِنْ قَاتَلُوا جَازَ قَتْلُهُمْ، وَكَانَ لِلْقَاتِلِ سَلَبُ مَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا فَفِي جَوَازِ قَتْلِهِمْ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ قَتْلُهُمْ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ سَلَبُهُمْ لِلْقَاتِلِ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ، فَعَلَى هَذَا لَا سَلَبَ لِقَاتِلِهِمْ وَيَكُونُ مَغْنُومًا.
فَصْلٌ:
[القول فيما يكون السلب]
وَأَمَّا مَا يَكُونُ سَلَبًا فَمَا ظُهِرَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْعَةِ مِنْ مَالِ الْمَقْتُولِ وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: مَا يَكُونُ سَلَبًا، وَهُوَ ما كان راكبه من فرسه أَوْ بَعِيرٍ، وَمُسْتَجِنًّا بِهِ مِنْ دِرْعٍ وَمِغْفَرٍ وَمُتَّقٍ بِهِ مِنْ تُرْسٍ وَدَرَقَةٍ وَمُقَاتِلٍ بِهِ مِنْ سَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ، فَهَذَا كُلُّهُ مَعَ مَا عَلَى الْفَرَسِ مِنْ سَرْجٍ وَلِجَامٍ، وَمَا عَلَى الْمَقْتُولِ مِنْ حُلِيٍّ وَلِبَاسٍ سَلَبٌ يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِلُ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَا يَكُونُ سَلَبًا وَيَكُونُ غَنِيمَةً، وَهُوَ مَا فِي رَحْلِهِ مِنْ مَالٍ وَرَحْلٍ وَسِلَاحٍ وَخَيْلٍ، فَهَذَا كُلُّهُ غَنِيمَةٌ يَشْتَرِكُ فِيهَا جَمِيعُ الْجَيْشِ، وَلَا يَخْتَصُّ الْقَاتِلُ بِشَيْءٍ مِنْهُ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ وَهُوَ كلما كانت يده عليه في المعركة قوة على القتال