أحدهما: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يَسْقُطُ بِغَيْرِهِ وَلَهُ فرض مقدار.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يَسْقُطُ بِغَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ فَرْضٌ مُقَدَّرٌ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ قَدْ يَسْقُطُ بِغَيْرِهِ.
فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَسْقُطُ بِغَيْرِهِ وَلَهُ فَرْضٌ مُقَدَّرٌ وَجَبَ أَنْ يُدْفَعَ إِلَيْهِ أَقَلُّ فَرْضَيْهِ وَتُوقَفُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَبًا دُفِعَ إِلَيْهِ السُّدُسُ مَعُولًا وَكَذَا الْأُمُّ وَإِنْ كَانَ زَوْجًا دُفِعَ إِلَيْهِ الرُّبْعُ مَعُولًا، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً دُفِعَ إِلَيْهَا رُبْعُ الثُّمُنِ مَعُولًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُنَّ أَرْبَعًا.
وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مِمَّنْ لَا يَسْقُطُ بِغَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ فَرْضٌ مُقَدَّرٌ كَالِابْنِ وَبِمَثَابَتِهِ الْبِنْتُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مِنَ التَّرِكَةِ شَيْئًا لِأَنَّ الْكُلَّ قَدْ لَا يَسْتَحِقُّهُ لِجَوَازِ أَنْ يُوجَدَ مَنْ يَحْجُبُهُ عَنْ بَعْضِهِ وَفِي دفع بعضه لا تقدر حكم بجهالة فوجب من مَنْعُهُ مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ لِيَقَعَ الْكَشْفُ فَإِذَا كَشَفَ الْحَاكِمُ مَعَ تَطَاوُلِ الزَّمَانِ فَلَمْ يَعْلَمْ وَارِثًا غَيْرَهُ وَطَلَبَ الْمِيرَاثَ وَجَبَ دَفْعُهُ إِلَيْهِ بها لِأَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ مِنِ اسْتِحْقَاقِهِ وَفِي شَكٍّ مِنْ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ.
وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مِمَّنْ قَدْ يَسْقُطُ بِغَيْرِهِ كَالْأَخِ وَالْجَدِّ وَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ جَمِيعِهَا قَبْلَ الْكَشْفِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْكَشْفِ وَعَدَمِ ظُهُورِ غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يُمْنَعُ مَا لَمْ تَقُمِ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ لِأَنَّنَا عَلَى شَكٍّ مِنْ مِيرَاثِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَبِهِ قَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ ومتأخروا أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ يُدْفَعُ إِلَيْهِ الْمِيرَاثُ وَلَا يُمْنَعُ لِأَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ كَوْنِهِ وَارِثًا وَعَلَى شك بعد الكشف من أن يجد له مِمَّنْ نَرَاهُ مُسْقِطًا أَوْ مُشَارِكًا. فَهَذَا قِسْمٌ.
: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنْ تَتَضَمَّنَ الشَّهَادَةُ إِثْبَاتَ مِيرَاثِهِ وَالْإِمْسَاكَ عَنْ غَيْرِهِ بِإِثْبَاتٍ أَوْ نَفْيٍ. فَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَا: نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ بِوَجْهِ كَذَا فَإِنْ كَانَ ذَا فَرْضٍ لَا يُحْجَبُ عَنْهُ دُفِعَ إِلَيْهِ أَقَلُّ فَرْضَيْهِ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْهُ مَوْقُوفًا عَلَى الْكَشْفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا فَرْضٍ مُنِعَ مِنَ التَّرِكَةِ حَتَّى يَقَعَ الْكَشْفُ ثُمَّ يدفع إليه بعد الكشف وعدم ظهوره غيره سَوَاءُ كَانَ ممنْ يَسْقُطُ بِغَيْرِهِ أَمْ لَا، لِأَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ كَوْنِهِ وَارِثًا وَعَلَى إِيَاسٍ مِنْ أَنْ يُوجَدَ لَهُ مُشَارِكٌ وَلَمْ يَكُنْ وَهِيَ كَالْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ هُنَاكَ أَخْبَرَ الشَّاهِدَانِ بِغَيْرِهِ فَجَازَ أَنْ يُمْنَعَ الْمَحْجُوبُ بَعْدَ الْكَشْفِ لِأَجْلِ هَذَا الْخَبَرِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ مَعَ ضَعْفِهِ وَإِذَا أوجَبَ دَفْع التَّرِكَةِ إِلَيْهِ فَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِالْمِيرَاثِ خَوْفًا مِنْ ظُهُورِ مُسْقِطٍ عَنْهُ أَوْ شريك فيه.