أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُ الْفَاضِلِ مِنْ سَهْمِهِ إِذَا اشْتَرَكُوا وَهُوَ السُّدُسُ الزَّائِدُ عَلَى الثُّلُثِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَدْفَعُ إِلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ وَإِيَّاهُ فِي مَالِ أَبِيهِ سَوَاءٌ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يُعْطِيهِ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ وَيَضْمَنُ لَهُ سُدُسًا فِي يَدِ أَخِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَاسَمَهُ. بِحُكْمِ حَاكِمٍ فَلَا يَضْمَنُ مِمَّا فِي يَدِ أخيه شيئاً والله أعلم.
قال الشافعي رضي الله عنه: " فإن أقر جميع الورثة ثبت نسبه وَوَرِثَ وَوُرِّثَ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في ابن وليدة زمعة وقوله " هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أن إقرار الوارثين بمدعى النبوة يُوجِبُ ثُبُوتَ نَسَبِهِ وَهَكَذَا لَوْ كَانُوا جَمَاعَةً وَأَقَرُّوا أَوْ كَانَ وَاحِدًا وَأَقَرَّ لَأَنَّ الْمُرَاعَى إِقْرَارُ مَنْ يحوز الْمِيرَاثَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الْمِيرَاثُ.
وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِ النَّسَبُ، وَإِنْ كَانُوا عَدَدًا أَقَلُّهُمُ اثْنَانِ ثَبَتَ النَّسَبُ بِإِقْرَارِهِمْ لَا مِنْ طَرِيقِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَدَالَةُ.
وَاسْتَدَلَّ مَنْ مَنَعَ لُحُوقَ النَّسَبِ بِإِقْرَارِ الورثة بما رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ " يَعْنِي السَّعْيَ إلى ادعاء النَّسَبِ.
وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يُوَرِّثُ الْحَمِيلَ وَهُوَ الَّذِي يُحْمَلُ نسبه على غير مقربه وَالْمَيِّتُ غَيْرُ مُقِرٍّ وَإِنْ أَقَرَّ وَارِثُهُ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ فِي مُقَابَلَةِ نَفْيِهِ فَلَمَّا لَمْ يَنْتَفِ النَّسَبُ بِنَفْيِ الْوَارِثِ وَلِعَانِهِ لَمْ يَنْتَفِ بِتَصْدِيقِهِ وَإِقْرَارِهِ وَيَتَحَرَّرُ مِنْهُ قِيَاسَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَحَدُ حَالَيِ النَّسَبِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ الْوَارِثُ كَالنَّفْيِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ نَفْيَ النَّسَبِ لَمْ يَمْلِكْ إِثْبَاتَهُ كَالْأَجَانِبِ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ إِلْحَاقُ وَلَاءٍ بِالْمَيِّتِ بِعِتْقِهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُلْحِقُوا بِهِ نَسَبًا بِإِقْرَارِهِمْ.