أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَقَعَ الْعِتْقُ وَالتَّحْرِيمُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ النَّسَبِ جَازَ أَنْ يَثْبُتَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ النَّسَبُ. وَلَمَّا أَنْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْتَحَقَّ الْمِيرَاثُ بِغَيْرِ النَّسَبِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَثْبُتَ إِذَا لَمْ يَثْبُتِ النَّسَبُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ فِي إِقْرَارِهِ بِالْعِتْقِ لَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ حَقًّا فَلَزِمَهُ وَفِي الْمِيرَاثِ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ فِي مُقَابَلَةٍ ذَلِكَ مِيرَاثًا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمِ الثَّالِثِ فِي الْإِقْرَارِ بِالزَّوْجِيَّةِ فَلِأَصْحَابِنَا فِي الزَّوْجِيَّةِ إِذَا أَقَرَّ بِهَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ إِرْثًا فَعَلَى هَذَا يَسْتَوِي الْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ وَالزَّوْجِيَّةِ فَيَسْقُطُ الِاسْتِدْلَالُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا يُسْتَحَقُّ بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ إِرْثًا فَعَلَى هَذَا الْفَرْقِ بَيْنَ الزَّوْجِيَّةِ وَالنَّسَبِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الزَّوْجَةَ تَرِثُ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الزَّوْجِيَّةِ بِالْمَوْتِ فَجَازَ أَنْ تَرِثَ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ، وَالْمُنَاسَبُ لَا يَرْتَفِعُ نَسَبُهُ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَرِثَ مَعَ عَدَمِ النَّسَبِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ فِي الْإِقْرَارِ بِالزَّوْجِيَّةِ لَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ فِي مُقَابَلَةِ إِقْرَارِهِ بِمِيرَاثِهَا مِيرَاثًا لِنَفْسِهِ مِنْهَا فَلَزِمَهُ إِقْرَارُهُ وَالْمُنَاسِبُ بِخِلَافِهِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمِ الرَّابِعِ فِي الدَّيْنِ فِي لُزُومِ الْمُقَرِّ فَسَقَطَ مِنْهُ فِي الْوَجْهَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَنْفَرِدُ عَنِ النَّسَبِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُرَاعِي لِنَفْسِهِ فِي مُقَابَلَتِهِ حَقًّا.
: فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا مِنْ بُطْلَانِ الْإِرْثِ لِبُطْلَانِ النَّسَبِ وَأَنَّ الْمُقِرَّ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ شَيْءٍ مِنْ سَهْمِهِ الَّذِي وَرِثَهُ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَلْزَمُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الله تعالى إذا علم مصدق الْمُدَّعِي أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مِنْ سَهْمِهِ الَّذِي وَرِثَهُ قَدْرَ حَقِّهِ مِنْهُ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ بِإِبْطَالِ النَّسَبِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِ.
وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ لِأَنَّ بُطْلَانَ النَّسَبِ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ دُونَ بَاطِنِهِ، وَنَحْنُ نُلْزِمُهُ فِي بَاطِنِ الْحُكْمِ دُونَ ظَاهِرِهِ.
فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أوجه: