يَدْخُلُ فِي الْإِقْرَارِ كَمَا لَوْ قَالَ: ثَوْبٌ فِي سَفَطٍ، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ فِي دِرْهَمٍ فَإِنْ أَرَادَهُمَا لَزِمَاهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُمَا لَزِمَهُ الدِّينَارُ الْمُتَّصِلُ بِلَفْظِ الْإِقْرَارِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الدِّرْهَمُ الَّذِي جَعَلَهُ ظَرْفًا، فَإِنْ قِيلَ فَالدِّرْهَمُ لَا يَكُونُ ظَرْفًا لِلدِّينَارِ وَلَا الدِّينَارُ ظَرْفًا لِلدِّرْهَمِ، قِيلَ هُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَرْفًا عِيَانًا جَازَ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا حُكْمًا.
: وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي ثَوْبٍ فَعَلَيْهِ الدِّرْهَمُ دُونَ الثَّوْبِ لِأَنَّ الثَّوْبَ ظَرْفٌ وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي ثَوْبٍ مَرْوِيٍّ اشْتَرَيْتُهُ مُؤَجَّلًا فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ كَانَ إِقْرَارًا بَاطِلًا لِأَنَّهُ يَصِيرُ دِرْهَمًا مِنْ سَلَمٍ افْتَرَقَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَانَ بَاطِلًا.
وَإِنْ كَذَّبَهُ فَفِي بُطْلَانِهِ قَوْلَانِ مِنْ تَبْعِيضِ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إِقْرَارَهُ بَعْدَ إِبْطَالِهِ كَمَنْ قَالَ ضُمِّنْتُ أَلْفًا عَلَى أَنَّنِي بِالْخِيَارِ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ مَرْوِيٌّ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ فَلَهُ عَلَيْهِ الثَّوْبُ دُونَ الْخَمْسَةِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَلَهُ عَلَيْهِ الْخَمْسَةُ دُونَ الثَّوْبِ وعلية ذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ أَعْطَانِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ سَلَمًا فِي ثَوْبٍ مَرْوِيٍّ مُؤَجَّلٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ اعْتِرَافٌ بِعَقْدِ سَلَمٍ يَسْتَحِقُّ فِيهِ الثَّوْبَ الْمُسْلَمَ فِيهِ دُونَ الثَّمَنِ وَإِنْ كَذَّبَهُ صَارَ مُنْكِرًا لِلْعَقْدِ فَاسْتَحَقَّ الثَّمَنَ وَاللَّهُ أعلم بالصواب.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ درهمٌ ودرهمٌ فَهُمَا دِرْهَمَانِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لِأَنَّهُ عَطَفَ عَلَى الْأَوَّلِ بِوَاوِ النَّسَقِ فَاقْتَضَى أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْحُكْمِ كَمَا لَوْ قَالَ: رَأَيْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا، وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الْإِقْرَارُ وَالطَّلَاقُ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فِي لُزُومِ طَلْقَتَيْنِ وَيُخَالِفُهُ فِي الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ فِي أَنَّهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُطَلِّقُ ثَلَاثًا.
وَالثَّانِي: يُطَلِّقُ اثْنَتَيْنِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالثَّالِثَةِ اسْتِئْنَافًا.
وَلَوْ قَالَ فِي الْإِقْرَارِ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَكَانَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ خَيْرَانَ يُخْرِجُ الدِّرْهَمَ الثَّالِثَ عَلَى قَوْلَيْنِ كَالطَّلَاقِ وَيُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ.
وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ قَائِلِهِ لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ مُؤَكَّدٌ فِي الْعَادَةِ فَجَازَ أَنْ يجمل الثَّالِثَ مِنْ لَفْظِهِ عَلَى التَّأْكِيدِ، وَالْإِقْرَارُ غَيْرُ مُؤَكَّدٍ فِي الْعَادَةِ فَحُمِلَ الثَّالِثُ مِنْ لَفْظِهِ على الاستئناف.
مسألة
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ درهمٌ فدرهمٌ قِيلَ إِنْ أَرَدْتَ فدرهمٌ لازمٌ فَهُوَ درهمٌ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ دِرْهَمَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ.