قَالَ لَهُ عَلَيَّ دُرَيْهِمٌ أَوْ دُرَيْهِمَاتٍ فَهِيَ وازنةٌ قضاءٍ على قوله وإذا قال له علي دراهم فهي وازنةٌ ولا يشبه الثوب نقد البلد كما لو اشترى بدرهم سلعةً جاز لمعرفتهما بنقد البلد وإن اشتراها بثوبٍ لم يجز لجهلهما بالثوب ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْمُقِرَّ بِالدَّرَاهِمِ يُرْجَعُ إِلَى بَيَانِهِ فِي صِفَتِهَا وَسَكَّتِهَا فَإِنْ قَالَ: هِيَ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَصْرَةِ أَوْ سَكَّةِ بَغْدَادَ قُبِلَ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَعْلَى أَوْ أَدْنَى مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا.
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: يَلْزَمُهُ فِي إِطْلَاقِ إِقْرَارِهِ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ دُونَ غَيْرِهِ فَإِنْ بَيَّنَ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ لَمْ أَقْبَلْ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْلَى اسْتِدْلَالًا بِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُطْلَقَ الدَّرَاهِمِ وَزْنًا يُوجِبُ حَمْلَهَا عَلَى دراهم الإسلام ولا يرجع إلى بيانه فيما وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقَ الدَّرَاهِمِ جِنْسًا يُوجِبُ حَمْلُهَا عَلَى الْعُرْفِ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَلَا يُرْجَعُ إِلَى بَيَانِهِ فِيهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُطْلَقُ ذِكْرِهَا فِي الْبَيْعِ يُوجِبُ حَمْلَهَا عَلَى دَرَاهِمِ الْبَلَدِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقُ ذِكْرِهَا فِي الْإِقْرَارِ يُوجِبُ حَمْلَهَا عَلَى دَرَاهِمِ الْبَلَدِ. وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْمُطْلَقِ مِنَ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ إِلَى بَيَانِهِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى ثِيَابِ بَلَدِهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْإِقْرَارُ بِالْمُطْلَقِ مِنَ الدَّرَاهِمِ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ إِلَى بَيَانِهِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى دَرَاهِمِ بَلَدِهِ وَلَيْسَ إِذَا لَمْ يَجُزْ إِطْلَاقُ الثِّيَابِ فِي الْبَيْعِ وَجَازَ إِطْلَاقُ الدَّرَاهِمِ فِيهِ أَنْ يَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْإِقْرَارِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْإِقْرَارَ هُوَ إِخْبَارٌ بِمُسْتَحَقٍّ فِي الذِّمَّةِ وَقَدْ يَصِحُّ أَنْ يُسْتَحَقَّ فِي الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ بِقَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ تَسْمِيَةٍ فِي عَقْدٍ فَصَحَّ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ فِي بَيَانِ إِقْرَارِهِ وَخَالَفَ الْبَيْعَ الَّذِي اسْتَشْهَدَ بِهِ الْمُزَنِيُّ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْبَيْعَ ابْتِدَاءٌ حَتَّى يُوجِبَ إِطْلَاقَهُ الْعُرْفُ الْمَقْصُودُ فِيهِ.
فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِالْوَزْنِ مِنْ دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ فَلِأَنَّ غَيْرَهَا يُوجِبُ نَقْصًا فِي الْقَدْرِ فَلَمْ يُقْبَلْ فِي الِانْفِصَالِ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ نَقْصًا فِي الْقَدْرِ فَصَحَّ وَقُبِلَ كَالصِّحَاحِ والمكسرة والله أعلم بالصواب.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ درهمٌ فِي دينارٍ فَإِنْ أَرَادَ دِرْهَمًا وديناراً وإلا فعليه درهمٌ ".
قال الماوردي: وهذا صحيح إذا قال: له عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ فَإِنْ أَرَادَ دِرْهَمًا وَدِينَارًا وَجَبَا عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُرِدْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا دِرْهَمٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ الدِّينَارَ ظَرْفًا وَالظَّرْفُ لَا