دِرْهَمٍ فَيُفَسِّرُ الشَّيْءَ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْقَدْرِ الَّذِي فَسَّرَهُ وَيَحْلِفُ عَلَى بَاقِي الدَّعْوَى الَّذِي أَنْكَرَهُ.
فَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِجِنْسِ الدَّعْوَى مِثْلَ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ دَرَاهِمَ فَيُفَسِّرُ الشَّيْءَ بِالدَّنَانِيرِ فَيُقَالُ لِلْمُدَّعِي: هَلْ تَدَّعِي عَلَيْهِ مَا فَسَّرَهُ مِنَ الدَّنَانِيرِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَالَ: أَنَا أَدَّعِيهَا وَأَدَّعِي الدَّرَاهِمَ، حُكِمَ لَهُ بِالدَّنَانِيرِ الَّتِي فَسَّرَهَا الْمُقِرُّ وَأُحْلِفَ لَهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنَ الدَّرَاهِمِ.
وَإِنْ قَالَ: لَسْتُ أَدَّعِي الدَّنَانِيرَ، لَمْ يُحْكَمْ عَلَى الْمُقِرِّ بِهَا وَأُحْلِفَ الْمُقِرُّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي مِنَ الدَّرَاهِمِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي صَدَّقَهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالشَّيْءِ مَا فَسَّرَهُ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَلَكِنْ قَالَ هُوَ غَيْرُ مَا ادَّعَيْتَ أُحْلِفَ الْمُقِرُّ بِاللَّهِ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ مِنَ الدَّرَاهِمِ.
وَإِنْ قَالَ: بَلْ أَرَادَ بِالشَّيْءِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ مَا ادَّعَيْتُهُ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَلَكِنْ كَذِبَ فِي التَّفْسِيرِ حَلَفَ الْمُقِرُّ بِاللَّهِ مَا أَرَادَ بِالشَّيْءِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الدَّرَاهِمَ الَّتِي ادَّعَيْتُ عَلَيْهِ بِهَا.
فَأَمَّا إِذَا فَسَّرَ الشَّيْءَ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ مِثْلَ أَنْ يُفَسِّرَهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ فَفِي قَبُولِ هَذَا التَّفْسِيرِ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَقْبُولٌ وَيُسْأَلُ عَنْهُ الْمُدَّعِي عَلَى مَا مَضَى لِأَنَّهُ مَعَ انْطِلَاقِ الشَّيْءِ عليه مما تمتد إليه اليد.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي التَّفْسِيرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَيَكُونُ كَمَنْ لَمْ يُفَسِّرْ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ مِمَّا تُقَرُّ عليه اليد وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَالْكَلْبِ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ كَانَ مُفَسِّرًا بِهِ لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ تَصِحُّ أَنْ يُتَوَجَّهَ إِلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تُقَرُّ عَلَيْهِ الْيَدُ وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَالْخَمْرِ والخنزير ولم يَكُنْ بِهِ مُفَسِّرًا لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تَصِحُّ أَنْ يُتَوَجَّهَ إِلَيْهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَسَوَاءٌ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مالٌ أَوْ مالٌ كثيرٌ أو عظيمٌ فإنما يقع عليه اسم مالٍ فأما من ذهب إلى ما تجب فيه الزكاة فلا أعلمه خبراً ولا قياساً أرأيت إذا أغرمت مسكيناً يرى الدراهم عظيماً أو خليفةً يرى ألف ألف قليلاً إذا أقر بمالٍ عظيمٍ مائتي درهمٍ والعامة تعلم أن ما يقع في القلب من مخرج قوليهما مختلفٌ فظلمت المقر له إذ لم تعطه من خليفة إلا التافه وظلمت المسكين إذا أغرمته أضعاف العظيم إذ ليس عندك في ذلك إلا محمل كلام الناس ".