وَالْوَجْهُ الثَّانِي: اسْتِحْبَابٌ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فَإِنْ حُكِمَ عَلَيْهِ قَبْلَ إِعَادَةِ الْقَوْلِ ثَلَاثًا أَجْزَأَ بَعْدَ إِعْلَامِهِ أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ. فَإِذَا امْتَنَعَ عَنِ التَّفْسِيرِ بَعْدَمَا وَصَفْنَا فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أحدهما: وهو المنصوص عليه من هَذَا الْمَوْضُوعِ وَفِي أَحَدِ كِتَابَيِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ يَجْعَلُهُ نَاكِلًا، وَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ، فَأَيُّ شَيْءٍ حَلَفَ عَلَيْهِ حُكِمَ لَهُ بِهِ لِأَنَّهُ بِالِامْتِنَاعِ مِنَ التَّفْسِيرِ كَالْمُمْسِكِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى فَاقْتَضَى أَنْ يَصِيرَ نَاكِلًا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي الْكِتَابِ الْآخَرِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ يَحْبِسُهُ حَتَّى يُفَسِّرَ، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُقِرًّا وَبِالِامْتِنَاعِ عَنِ التَّفْسِيرِ يَصِيرُ كَالْمَانِعِ مِنْ حَقٍّ عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يُحْبَسَ بِهِ.
: فَأَمَّا إِنْ فَسَّرَ فَلَا يَخْلُو حَالُ تَفْسِيرِهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: -
إِمَّا أَنْ يُفَسِّرَ بِمَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ.
أَوْ بِمَا لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ؟
فَإِنْ فَسَّرَ بِمَا لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ كَقَوْلِهِ: أَرَدْتُ شَمْسًا أَوْ قَمَرًا أَوْ كَوْكَبًا أَوْ رِيحًا أَوْ نَارًا، لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مُفَسَّرًا، وَكَذَا لَوْ فَسَّرَهُ بِتَافِهٍ حَقِيرٍ كَتَمْرَةٍ أَوْ لُقْمَةٍ لَمْ يَكُنْ مُفَسَّرًا لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ اسْمُ الشَّيْءِ عَلَيْهِ مُنْطَلِقًا فَهُوَ مِمَّا لَا يُسْتَحَقُّ بِهِ مُطَالَبَةٌ وَلَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ إِقْرَارٌ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: ارْتِفَاعُ الْيَدِ عَنْهُ.
وَالثَّانِي: مُسَاوَاةُ الْجَمِيعِ فِيهِ.
وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَالًا.
وَالثَّانِي: غَيْرُ مَالٍ.
فَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا يَكُونُ مَالًا كَتَفْسِيرِهِ ذَلِكَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالدُّورِ وَالْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ وَالسِّلَعِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِجِنْسِ الدَّعْوَى.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا؟
فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِجِنْسِ الدَّعْوَى مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَيُفَسِّرُ الشَّيْءَ بِالدَّرَاهِمِ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِقَدْرِ الدَّعْوَى مِثْلَ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَيُفَسِّرُ الشَّيْءَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَهَذَا مُقِرٌّ بِجَمِيعِ الدَّعْوَى وَمُصَدِّقٌ عَلَيْهَا فَصَارَ مُصَدَّقًا فِي تَفْسِيرِهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُوَافِقٍ لِقَدْرِ الدَّعْوَى مِثْلَ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عليه مائة