لِلْمُوَكِّلِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْتِزَامِ فَضْلِ النَّسَاءِ وَالشِّرَاءُ لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ مُوَكِّلِهِ. وَإِنْ ذَكَرَهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا بَاطِلٌ. وَالثَّانِي لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِيَهُ نَسِيئَةً بِمَا يُسَاوِي نَقْدًا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ النَّسَاءِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الشِّرَاءَ لَازِمٌ لِلْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَهُ غَرَضُهُ فِي الِاسْتِصْلَاحِ مَعَ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ الشِّرَاءُ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْمُوَكِّلِ لِمُخَالَفَتِهِ وَبَقَاءِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ. وَهُوَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْوَكِيلَ فِي بَيْعِ النَّسَاءِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ نَقْدًا.
وَأَمَّا الْفَصْلُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ فَيَشْتَرِيَ بِالنَّقْدِ فَالشِّرَاءُ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْمُوَكِّلِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ أَصْحَابِهِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِمَا يُسَاوِي نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً لِمَا فِيهِ مِنَ الْتِزَامِهِ تَعْجِيلَ ثَمَنٍ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ.
وَهَكَذَا لَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ إِلَى أَجَلٍ فَاشْتَرَاهُ إِلَى أَجَلٍ هُوَ أَقْرَبُ لَمْ يَلْزَمِ الْمُوَكِّلَ. وَلَوِ اشْتَرَاهُ إِلَى أَجَلٍ هُوَ أَبْعَدُ كَانَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَى مَذْهَبِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ غَيْرُ لَازِمٍ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ أَذِنَ لِوَكِيلِهِ فِي اشْتِرَاطِ خِيَارِ الثلاث في عقده فَلَا يَشْتَرِطُهُ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالشِّرَاءُ غَيْرُ لَازِمٍ عقده لازما وقد أذن له في عقده غَيْرُ لَازِمٍ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي تَرْكِهِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فَإِنْ شَرَطَهُ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالشِّرَاءُ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّهُ عَقَدَهُ غَيْرَ لَازِمٍ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي عَقْدٍ لَازِمٍ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ إِذْنُهُ مُطْلَقًا فَإِنْ عَقَدَهُ الْوَكِيلُ نَاجِزًا مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ. وَإِنْ عَقَدَهُ بِخِيَارِ الثَّلَاثِ فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَلُزُومِهِ لِلْمُوَكِّلِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ الْخِيَارَ زِيَادَةُ نَظَرٍ لَهُ
وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ وَلَا يَلْزَمِ الْمُوَكِّلَ لِأَنَّ الْعَقْدَ بِالْخِيَارِ يَصِيرُ غير لازم.
قال المزني رضي الله عنه: " وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ فَأَصَابَ بِهَا عَيْبًا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَا رَضِيَ بِهِ الْآمِرُ وَكَذَلِكَ الْمُقَارِضُ وهو قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَعْنَاهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ إِذَا أَمَرَ وَكِيلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ حَالَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يُعَيِّنَهُ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَصِفَهُ وَلَا يُعَيِّنَهُ. فَإِنْ وَصَفَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ لَزِمَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ سَلِيمًا مِنَ الْعُيُوبِ