أَحَدُهَا: مَا تَصِحُّ فِيهِ الْقِسْمَةُ صُلْحًا وَجَبْرًا. وَهُوَ مَا تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ مِنَ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَالْأَدْهَانِ وَالْحُبُوبِ.
وَالثَّانِي: مَا لَا تَصِحُّ فِيهِ الْقِسْمَةُ صُلْحًا وَلَا جَبْرًا كَاللُّؤْلُؤِ وَالْجَوَاهِرِ لِمَا فِيهَا مِنَ اخْتِلَافِ قِيمَتِهِ وَاسْتِهْلَاكِ عَيْنِهِ.
وَالثَّالِثُ: مَا تَصِحُّ فِيهِ الْقِسْمَةُ صُلْحًا وَلَا تَصِحُّ جبرا الأرض وَالْعَقَارِ إِذَا اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ أَمَاكِنِهِ وَدَخَلَ الرَّدُّ فِي قِسْمَتِهِ فَإِنْ تَرَاضَى الشَّرِيكَانِ فِي هَذَا النَّوْعِ الَّذِي يَدْخُلُهُ الرَّدُّ عَلَى إِدْخَالِ الْقُرْعَةِ وأخذ ما خرج بها فهل يلزمهما ذَلِكَ إِذَا خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ أَمْ يَكُونَا عَلَى خِيَارِهِمَا. عَلَى قَوْلَيْنِ: وَهَكَذَا لَوِ اسْتَقَرَّتِ الْقِيمَةُ عَلَى فَصْلِ مِسَاحَةِ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ لَا مَعْنَى للقرعة في التزام ما خرج بها ويكونا بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ عَلَى خِيَارِهِمَا قَبْلَ الْقُرْعَةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَدْ لَزِمَهُمَا ذَلِكَ لِمَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا تَصِحُّ فِيهِ الْقِسْمَةُ صُلْحًا وَفِي دُخُولِ الْقِسْمَةِ فِيهِ جَبْرًا قَوْلَانِ. وَذَلِكَ مَا تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ وَتَمَاثَلَتْ قِيمَتُهُ مِنَ الثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ إِنْ تَرَاضَوْا بِالْقِسْمَةِ عَلَيْهِ جَازَ وَإِنْ طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا فَهَلْ يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَيْهَا فِيهِ قَوْلَانِ. فَأَمَّا الْوَقْفُ فَإِنْ كَانَ فِي الشركة وقفا لَمْ يَجُزْ قِسْمَتُهُ بَيْنَ أَرْبَابِهِ سَوَاءٌ قُلْنَا إن رقبة الوقف ملكا لِلَّهِ أَوْ عَلَى مِلْكِهِمْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ملكا لله قسمة مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِمْ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كان ملكا لهم فهم إنما يملكوه مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ ثُمَّ يَمْلِكُهُ الْبَطْنُ الثَّانِي بَعْدَهُمْ وَالْقِسْمَةُ مَا تَأَبَّدَتْ وَالتَّأْبِيدُ لَا يَسْتَحِقُّونَهُ. فَأَمَّا إِنْ كَانَ بَعْضُ الشَّيْءِ وَقْفًا وَبَعْضُهُ مِلْكًا فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ لَمْ تَجُزْ قِسْمَتُهُ وَإِنْ قِيلَ إِنَّهَا إِقْرَارٌ جَازَتْ قِسْمَتُهُ.
(فَصْلٌ)
فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا فَالشَّرِكَةُ تَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ عَنْ عَقْدٍ وَاخْتِيَارٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ عَنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَاخْتِيَارٍ فَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَاخْتِيَارٍ فَالشُّرَكَاءُ فِي الْمَوَارِيثِ وَالْمَغَانِمِ وَالْأَوْقَافِ. وَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ عَقْدٍ وَاخْتِيَارٍ فَسَنَذْكُرُهُ مِنْ بعد على أقسامه.
قال المزني رضي الله عنه: " وَالَّذِي يُشْبِهُ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي الْعَرْضِ وَلَا فِيمَا يَرْجِعُ فِي حال المفاصلة إِلَى الْقِيمَةِ لِتَغَيُّرِ الْقِيَمِ وَلَا أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا عَرْضًا وَالْآخَرُ دَنَانِيرَ وَلَا تَجُوزُ إِلَّا بِمَالٍ وَاحِدٍ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ فَإِنْ أَرَادَا أَنْ يَشْتَرِكَا وَلَمْ يُمْكِنْهُمَا إِلَّا عَرْضٌ فَإِنَّ الْمَخْرَجَ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ صَاحِبِهِ وَيَتَقَابَضَانِ فَيَصِيرَ جَمِيعُ الْعَرْضَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنَ وَيَكُونَا فِيهِ شَرِيكَيْنِ إن باعا أو حبسا