الحاوي الكبير (صفحة 2735)

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الشَّرِكَةُ في المنافع دون الرقاب فأما المنافع على ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَمْلُوكَةً من عين مملوكة كَالرَّجُلَيْنِ إِذَا اسْتَأْجَرَا دَارًا أَوْ أَرْضًا فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي مَنَافِعِهَا دُونَ رِقَابِهَا وَالْوَقْفُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ يَكُونُ أَرْبَابُهُ شُرَكَاءَ فِي مَنَافِعِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ إِنْ قِيلَ إِنَّ رَقَبَةَ الْوَقْفِ لَا تُمْلَكُ وَإِنْ قِيلَ إِنَّ رَقَبَةَ الْوَقْفِ مَمْلُوكَةٌ كَانَ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ يَكُونُ أَرْبَابُهُ شُرَكَاءَ فِي مَنَافِعِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ وَإِنْ قِيلَ أن رقبة الوقف لا يملك.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً مِنْ عَيْنٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ بِالدُّهْنِ النَّجَسِ وَالرَّوْثِ وَالسَّمَادِ فَهَذَا غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ أَوْلَى بِهِ لِثُبُوتِ يَدِهِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ إِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ تُمْلَكِ الْمَنْفَعَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا فَيَكُونَ الشُّرَكَاءُ فِي هَذَا النَّوْعِ شُرَكَاءَ فِي إِبَاحَةِ مَنَافِعِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ مَأْخُوذَةً مِنْ عَيْنٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمَنْفَعَةِ مِنْهُ هَلْ تَكُونُ مَمْلُوكَةً أَوْ مُبَاحَةً وَهِيَ مَنْفَعَةُ الْكَلْبِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ. فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّهَا مُبَاحَةٌ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَاوَضَ عَلَيْهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مَمْلُوكَةٌ وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُعَاوَضَ عَلَيْهَا، وَهَذَا مِنَ اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي جَوَازِ إِجَارَةِ الْكَلْبِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الشَّرِكَةُ فِي حُقُوقِ رِقَابٍ وَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ في الرقبة مفضيا للتمليك.

وَالثَّانِي: أَنْ يُفْضِيَ إِلَى الِاسْتِهْلَاكِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُفْضِيَ إِلَى التَّأْدِيبِ.

فَأَمَّا الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الشَّرِكَةُ فِيمَا يُسْتَحَقُّ بِهِ تَمَلُّكُ رِقَابٍ فَكَالشُّفْعَةِ يُسْتَحَقُّ بِهَا مِلْكُ مَا وَجَبَ فِيهِ الشُّفْعَةُ.

وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الشَّرِكَةُ فِيمَا يُسْتَحَقُّ بِهِ اسْتِهْلَاكُ رِقَابٍ فَكَالْقِصَاصِ يَجِبُ بِتَنَاوُلِهِ إِتْلَافُ مَا وَجَبَ فِيهِ الْقِصَاصُ. وَأَمَّا الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ الشَّرِكَةُ فِيمَا يُسْتَحَقُّ بِهِ تَأْدِيبُ رِقَابٍ كَحَدِّ الْقَذْفِ يَجِبُ بِهِ تَأْدِيبُ مَنْ كَانَ مِنْهُ الْقَذْفُ.

(فَصْلٌ)

ثُمَّ إِنَّ الْمُزَنِيَّ ذَكَرَ أَحْوَالَ الْقِسْمَةِ فِي الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ وجملة الأموال المشتركة أنها اقْتِسَامُ الشَّرِكَةِ بِهَا عَلَى أَصْنَافٍ أَرْبَعَةٍ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015