فَهُوَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ سَقْفٌ وَمِرْفَقٌ، وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ أَرْضٌ وَمَقْعَدٌ، وَلِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِمَالِهِمَا وَمُجَاوِرٌ لِمِلْكَيْهِمَا فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِيهِ كَالْحَائِطِ إِذَا كَانَ بَيْنَ دَارَيْهِمَا.
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا، فَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ كَمَا كَانَ يَتَصَرَّفُ مِنْ قَبْلُ بِالْجُلُوسِ عَلَيْهِ، وَإِحْرَازُ الْمَتَاعِ الْمُعْتَادِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَجَاوُزٍ وَلَا تَعَدٍّ.
كَالْحَائِطِ إِذَا اخْتَلَفَا فِيهِ وَكَانَتْ عَلَيْهِ جُذُوعٌ لِأَحَدِهِمَا جُعِلَ بَيْنَهُمَا وَأُقِرَّتِ الْأَجْذَاعُ عَلَى حَالِهَا.
وَأَمَّا صَاحِبُ السُّفْلِ فَارْتِفَاقُهُ بِهِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَظِلًّا بِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ إِلَى تَعْلِيقِ شَيْءٍ عَلَيْهِ، لِأَنَّ السَّقْفَ لَمْ يُوضَعْ غَالِبًا إِلَّا لِلِاسْتِظْلَالِ. وَلَا وَجْهَ لِمَا أَجَازَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْ تَعْلِيقِ زِنْبِيلٍ عَلَيْهِ. وَوَضْعِ خُطَّافٍ فِيهِ.
لِأَنَّ إِيتَادَ الْوَتَدِ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ أَسْبَلُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي السَّقْفِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا مِنْهُ.
وَلَوْ تَنَازَعَا فِي حَائِطٍ السُّفْلَ، فَهُوَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ إِلَى مُنْتَهَى وَضْعِ الْأَجْذَاعِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ.
وَلَوْ تَنَازَعَا فِي حَائِط الْعُلُوّ، فَهُوَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ مِمَّا فَوْقَ أَجْذَاعِ السَّقْفِ، لِأَنَّهُ فِي يَدَيْ صَاحِبِ الْعُلُوِّ وَتَحْتَ تَصَرُّفِهِ.
وَمَا كَانَ مِنَ الْحَائِطِ بَيْنَ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ فِي خِلَالَ أَجْذَاعِ السَّقْفِ فَهُوَ بَيْنُهُمَا، لِأَنَّهُ تَبَعٌ للسقف المشترك بينهما.
قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ سَقَطَ لَمْ يُجْبَرْ صَاحِبُ السُّفْلِ عَلَى بِنَائِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.
إِذَا انْهَدَمَ الْبَيْتُ الَّذِي سُفْلُهُ لِرَجُلٍ وَعُلُوُّهُ لِآخَرَ، فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُهُمَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى تَرْكِهِ مَهْدُومًا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِمَا فِيهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى بِنَائِهِ فَذَلِكَ لَهُمَا، وَيَخْتَصُّ صَاحِبُ السُّفْلِ بِبِنَاءِ السُّفْلِ إِلَى انْتِهَاءِ وَضْعِ الْأَجْذَاعِ. وَصَاحِبُ الْعُلُوِّ بِبِنَاءِ الْعُلُوِّ إِلَى حَيْثُ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ، وَلَا لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالنُّقْصَانِ عَنْهُ. فَلَوِ اخْتَلَفَا مَعَ اتِّفَاقِهِمَا أَنَّ ارْتِفَاعَ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ عِشْرُونَ ذِرَاعًا، فَقَالَ صَاحِبُ السُّفْلِ، السُّفْلُ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَارْتِفَاعُ الْعُلُوِّ خمسة أذرع،