يَخْتَلِفُ. وَلَيْسَ كَمَا غَلِطَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ. فَخَرَّجَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقَاوِيلَ:
أَحَدُهَا: تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ.
وَالثَّانِي: بِدَفْعِ الْقِيمَةِ.
وَالثَّالِثُ: مَوْقُوفٌ اعْتِبَارًا بِوَطْءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ. وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ قَائِلِهِ، لِأَنَّ وَطْءَ الرَّاهِنِ صَادَفَ مِلْكًا، وَإِنَّمَا يَدْفَعُ الْقِيمَةَ لَا غُرْمًا لِلْمُتْلَفِ وَلَكِنْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِيثَاقِ لِلْمُرْتَهِنِ فَصَارَتْ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ أُمَّ وَلَدٍ.
وَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَصِيرَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ أُمَّ وَلَدٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَضَى الدَّيْنَ وَلَمْ يَدْفَعِ الْقِيمَةَ كَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ حِصَّةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ.
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ، فَعَلَيْهِ دَفْعُ قِيمَتِهَا إِلَى الْمُرْتَهِنِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا بِهَا، سَوَاءٌ جَعَلْنَا الْيَسَارَ شَرْطًا فِي خُرُوجِهَا مِنَ الرَّهْنِ أَمْ لَا. لِأَنَّهُ لَمَّا غَرِمَ أَرْشَ نَقْصِهَا بِجِنَايَتِهِ مَعَ بَقَائِهَا فِي الرَّهْنِ، فَأَوْلَى أَنْ يُغَرَّمَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا بِخُرُوجِهَا مِنَ الرَّهْنِ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِهَا فِي الْحَالِ ثُمَّ أَيْسَرَ فِيمَا بَعْدُ غَرِمَ قِيمَتَهَا إِذَا أَيْسَرَ وَاعْتِبَارُ الْقِيمَةِ وَقْتَ الْعُلُوقِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّهُ بِالْعُلُوقِ قَدِ اسْتُهْلِكَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَالرَّاهِنُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَ الْقِيمَةَ رَهْنًا مكانها أو تكون قصاصا من الحق فإن جعلها رهنا. فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنَ الْحَقِّ لِأَنَّهُ يَصِيرُ رَهْنًا بَدَلًا عَنِ الْجَارِيَةِ الْمَرْهُونَةِ.
وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا قِصَاصًا مِنَ الْحَقِّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ، لِأَنَّهُ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنَ الْحَقِّ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ إِلَّا حَقُّهُ، وَالزِّيَادَةُ لِلرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنَ الْحَقِّ فَقَدْ عَجَّلَ بَعْضَ مَا عَلَيْهِ، وَمَنْ عَجَّلَ بَعْضَ مَا عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَعْجِيلُ بَاقِيهِ فَهَذَا حكمها إذا خرجت من الرهن.
فإذا تقرر توجيه الأقاويل فَأَمَّا إِذَا قُلْنَا: إِنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنَ الرَّهْنِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ قَبْلَ وَضْعِهَا، لِأَنَّهَا حَامِلٌ بِحُرٍّ فَإِذَا وَضَعَتْ لَمْ يَخْلُ حَالُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
إِمَّا أَنْ تَمُوتَ بِالْوَضْعِ، أَوْ لَا تَمُوتَ لَكِنْ تَنْقُصُ قِيمَتُهَا، أَوْ لَا تَمُوتُ وَلَا تَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِالْوَضْعِ.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ تَمُوتَ بِالْوَضْعِ، فَعَلَيْهِ غُرْمُ قِيمَتِهَا لِأَنَّ مَوْتَهَا بِسَبَبٍ مِنْهُ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ لَوِ اسْتَكْرَهَ أَمَةً عَلَى الْوَطْءِ فَأَحْبَلَهَا فَمَاتَتْ مِنَ الْوِلَادَةِ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا فَهَلَّا كَانَتِ الْجَارِيَةُ الْمَرْهُونَةُ إِذَا مَاتَتْ مِنْ وَضْعِهَا بِإِحْبَالِهِ لَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا؟