قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيَجُوزُ ارْتِهَانُ الْحَاكِمِ وَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لَهُ وَرَهْنُهُمَا عَلَيْهِ فِي النَّظَرِ لَهُ وَذَلِكَ أَنْ يبيعا ويفضلا ويرتهنا فأما أن يسلفا ويرتهنا فهما ضامنان لأنه لا فضل له في السلف يعني القرض ومن قلت لا يجوز ارتهانه إلا فيما يفضل من ولي ليتيم أو أب لابن طفل أو مكاتب أو عبد مأذون له في التجارة فلا يجوز له أن يرهن شيئا لأن الرهن أمانة والدين لازم (قال) فالرهن نقص عليهم فلا يجوز أن يرهنوا إلا حيث يجوز أن يودعوا أموالهم من الضرورة بالخوف إلى تحويل أموالهم أو ما أشبه ذلك ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيمَنْ يَرْهَنُ وَيَرْتَهِنُ لِنَفْسِهِ. فَأَمَّا الْمَوْلَى عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ بِرَهْنٍ وَلَا ارْتِهَانٍ.
وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ وَلِيُّهُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ وَصِيٌّ لِلْوَرَثَةِ أَوْ أَمِينٌ حَاكِمٌ فَإِذَا أَرَادَ الْوَلِيُّ ذَلِكَ، فَالْحُكْمُ فِيهِ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: فِي الِارْتِهَانِ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ.
وَالثَّانِي: فِي الرَّهْنِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ.
فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الِارْتِهَانُ لَهُ فِي دَيْنٍ ثَبَتَ لَهُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَرْتَهِنَ لَهُ فِي دَيْنٍ مُتَقَدِّمٍ قَدِ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ رَهْنٍ فَيَأْخُذُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ رَهْنًا. فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الرَّهْنِ فِي دَيْنٍ قَدِ اسْتَقَرَّ بِلَا رَهْنٍ زِيَادَةٌ وَثِيقَةٌ وَفَضْلٌ نُظِرَ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَرْتَهِنَ لَهُ فِي دَيْنٍ مُسْتَحْدَثٍ بِعَقْدٍ وَذَلِكَ فِي شَيْئَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: فِي شَيْءٍ يَبِيعُهُ مِنْ مَالِهِ.
وَالثَّانِي: فِي شَيْءٍ يُقْرِضُهُ مِنْ مَالِهِ.
فَأَمَّا الْبَيْعُ إِذَا كَانَ لِغِبْطَةٍ أَوْ حَاجَةٍ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ بِنَقْدٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِنَسَاءٍ.
فَإِنْ كَانَ بِنَقْدٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ رَهْنًا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ الْمَبِيعَ مِنْ يَدِهِ إِلَّا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ ثَمَنِهِ. فَلَا مَعْنَى لِأَخْذِ الرَّهْنِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ارْتِهَانَ الْمَبِيعِ عَلَى ثَمَنِهِ أَوْلَى مِنْ تَسْلِيمِهِ وَأَخْذِ رهن بثمنه.