(قال الشافعي) قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً) {النساء: 43) . وَرُوِيَ عَنِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ تَيَمَّمَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ (قَالَ) ومعقولٌ إِذَا كَانَ بَدَلًا مِنَ الْوُضُوءِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ أَنْ يُؤْتَى بِالتَّيَمُّمِ عَلَى مَا يُؤْتَى بالوضوء عليه وعن ابن عمر أنه قال: " ضربةٌ للوجه وضربةٌ لليدين إلى المرفقين ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْأَصْلُ فِي التَّيَمُّمِ وَبَيَانِ حُكْمِهِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَقَطَتْ قِلَادَتُهَا لَيْلَةَ الْأَبْوَاءِ فَأَرْسَلَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي طَلَبِهَا فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا ماءٌ وَلَمْ يَدْرِيَا كَيْفَ يَصْنَعَانِ فنزلت آية التيمم؛ فقال أسيد بن حصين: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا فَمَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ مِنْهُ مَخْرَجًا وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا؛ فَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي نُزُولِ فَرْضِ التَّيَمُّمِ، فَذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَسُورَةِ الْمَائِدَةِ، فَقَالَ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ مِنْهُ}
وَالتَّيَمُّمُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْقَصْدُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (البقرة: 267) أَيْ: وَلَا تَقْصِدُوا وَقَالَ الشَّاعِرُ:
(تَيَمَّمْتُ قَيْسًا وَكَمْ دُونَهُ ... مِنَ الْأَرْضِ مِنْ مهمةٍ ذِي شَزَنِ)
وَقَالَ آخَرُ:
(وَمَا أَدْرِي إِذَا يَمَّمْتُ أَرْضًا ... أُرِيدُ الْخَيْرَ أَيُّهُمَا يَلِينِي)
(أَلْخَيْرُ الَّذِي أَنَا أَبْتَغِيهِ ... أَمِ الشَّرُّ الَّذِي هُوَ يَبْتَغِينِي)