قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الكاهن (قال الشافعي) وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ ضَارِيًا نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ " قَالَ وَلَا يَحِلُّ لِلْكَلْبِ ثَمَنٌ بِحَالٍ وَلَوْ جَازَ ثَمَنُهُ جَازَ حُلْوَانُ الْكَاهِنِ وَمَهْرُ الْبَغِيِّ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ. بَيْعُ الْكَلْبِ باطل وثمنه حرام ولا قيمة على متلفه بِحَالٍ سَوَاءً كَانَ مُنْتَفِعًا بِهِ أَوْ غَيْرَ مُنْتَفِعٍ بِهِ.
وَقَالَ أبو حنيفة: بَيْعُ الْكَلْبِ جَائِزٌ وَثَمَنُهُ حَلَالٌ وَالْقِيمَةُ عَلَى مُتْلِفِهِ وَاجِبَةٌ سَوَاءً كَانَ مُنْتَفِعًا بِهِ أَوْ غَيْرَ مُنْتَفِعٍ بِهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ وَثَمَنُهُ لَا يَحِلُّ لَكِنْ عَلَى قَاتِلِهِ الْقِيمَةُ.
وَاسْتَدَلُّوا على ذلك برواية الْحَسَنِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالْهِرِّ إِلَّا الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ. فَجَوَّزَ ثَمَنَ الْكَلْبِ إِذَا كَانَ مُعَلَّمًا، وَالْخِلَافُ فِيهِمَا وَاحِدٌ.
وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جستاس عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كَلْبِ الصَّيْدِ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَفِي كَلْبِ الْغَنَمِ بِشَاةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَفِي كَلْبِ الزَّرْعِ بِفَرْقٍ مِنْ زَرْعٍ وَفِي كَلْبِ الدَّارِ بِفَرْقٍ مِنْ تُرَابٍ حَقٌّ عَلَى الْقَاتِلِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ، وَحَقٌّ عَلَى صَاحِبِ الْكَلْبِ أَنْ يَأْخُذَه فَأَثْبَتَ لَهُ قِيمَةً.
قَالُوا: وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِهِ فَجَازَ بَيْعُهُ كَالْفَهْدِ وَالنَّمِرِ، وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهِ فَجَازَ بَيْعُهُ كَالْمَاشِيَةِ.