الحاوي الكبير (صفحة 2223)

وَقَالَ محمد بن الحسن أُسْقِطَ الْقَطْعُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ رَدُّ الْعَيْنِ مِنْ يَدِ سَيِّدِهِ.

وَكِلَا الْمَذْهَبَيْنِ مَدْخُولٌ، وَتَعْلِيلُ أبي حنيفة لِرَدِّ الْعَيْنِ بِوُجُوبِ قَطْعِهِ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ الضَّمَانَ قَدْ وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ فَكَانَ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فِي وُجُوبِ قَطْعِهِ.

وَتَعْلِيلُ محمد بن الحسن لِإِسْقَاطِ قَطْعِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ يَجِبُ رَدُّ الْعَيْنِ مِنْ يَدِ سَيِّدِهِ لَا يَصِحُّ أَيْضًا لِأَنَّ بَدَلَهُ مُسْتَحَقٌّ فِي ذِمَّتِهِ فَكَانَ الْبَدَلُ مُوجِبًا لِقَطْعِهِ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ إِذَا أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ فَسَوَاءً كَانَ إِقْرَارُهُ بِسَرِقَةِ عَيْنٍ فِي يَدِهِ أَوْ بِمُسْتَهْلَكٍ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَصْدِيقُ وَلَيِّهِ كَمَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَبْدِ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ لِأَنَّ السَّيِّدَ مَالِكٌ فَجَازَ أَنْ يُلْزَمَ تَصْدِيقُهُ والولي غير مالك فلم يلزم تصديقه.

فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ إِنَّ إِقْرَارَ الْعَبْدِ مَقْبُولٌ عَلَى سَيِّدِهِ كَانَ إِقْرَارُ السَّفِيهِ مَقْبُولًا فِي مَالِهِ فَيُقْطَعُ وَيُغَرَّمُ، وَإِنْ قِيلَ إِنْ إِقْرَارَ الْعَبْدِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى سَيِّدِهِ وَأَنَّهُ لَازِمٌ فِي ذِمَّتِهِ فَفِي إِقْرَارِ السَّفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ إِقْرَارَهُ مَقْبُولٌ بِخِلَافِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُقِرٌّ فِي غَيْرِ مِلْكٍ فَلَمْ يقبل إقراره منه، والسفيه مقرض مِلْكٍ فَيُنَفَّذُ إِقْرَارُهُ فِيهِ. فَعَلَى هَذَا يُقْطَعُ وَيُغَرَّمُ السَّرِقَةَ فِي مَالِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ إِقْرَارَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَالِكًا فَالْحَجْرُ قَدْ مُنِعَ مِنْ نُفُوذِ إِقْرَارِهِ فِيهِ فَصَارَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْعَبْدِ، لِأَنَّ لِلْعَبْدِ ذِمَّةً يَثْبُتُ الْغُرْمُ فِيهَا إِذَا أُعْتِقَ، وَلَيْسَ لِلسَّفِيهِ ذِمَّةٌ يَثْبُتُ فِيهَا الْغُرْمُ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ سَقَطَ الْغُرْمُ عَنْهُ فِي حَالِ الْحَجْرِ وَبَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ. وَفِي وُجُوبِ قَطْعِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا قَطْعَ لِسُقُوطِ الْغُرْمِ.

وَالثَّانِي: يُقْطَعُ كَمَا لَوْ أَسْقَطَ الْغُرْمَ بِالْإِبْرَاءِ بَعْدَ الْوُجُوبِ. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015