شَعِيرٍ " فَأَوْجَبَ كَمَالَ الصَّاعِ مِنَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، كَمَا أَوْجَبَ كَمَالَ الْكَفَّارَةِ مِنَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ تَبْعِيضُ الْكَفَّارَةِ فَيُطْعِمُ خَمْسَةً، وَيَكْسُو خَمْسَةً لَمْ يَجُزْ تَبْعِيضُ الصَّاعِ فَيُعْطِي نِصْفَهُ بُرًّا وَنِصْفَهُ شَعِيرًا وَلَكِنْ لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ آصُعٍ فَأَخْرَجَهَا مِنْ خَمْسَةِ أَجْنَاسٍ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْهَا صَاعٌ أَجْزَأَهُ إِذَا قِيلَ: إِنَّهُ مُخَيَّرٌ أَوْ كَانَتْ قُوتُهُ أَوْ قُوتُ بَلَدِهِ كَمَا يَجْزِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الكفارات.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَ قُوتُهُ حِنْطَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ شَعِيرًا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ قَوْلِهِ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى التَّخْيِيرِ، أَوْ عَلَى التَّرْتِيبِ فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ عَلَى التخيير جاز إذا كان قوته تمراً أَنْ يُخْرِجَ شَعِيرًا، وَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ عَلَى التَّرْتِيبِ اعْتِبَارًا بِغَالِبِ الْقُوتِ إِمَّا بِغَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ أَوْ بِغَالِبِ قُوتِهِ فِي نَفْسِهِ.
عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: فَكَانَ غَالِبُ قُوتِهِ بُرًّا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ شَعِيرًا، وَهُوَ أَظْهَرُ قَوْلَيْهِ، وَأَشْهَرُ نَصِّهِ.
مَسْأَلَةٌ:
قال الشافعي رضي الله عنه: " ولا يخرجه مِنْ مسوسٍ وَلَا معيبٍ فَإِنْ كَانَ قَدِيمًا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَلَا لَوْنُهُ أَجْزَأَهُ ".
قَالَ الماوردي: أما المسوس والمغيب وَمَا يَعَافُ النَّاسُ أَكْلَهُ لِنَتَنِ رِيحِهِ وَتَغَيُّرِ لَوْنِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَهُ فِي زَكَاةِ فِطْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (البقرة: 267) وَرَوَى عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ " قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفيه أقناء حشف معلقةٌ وبيده عصا فطعنه فِي الْقِنْوِ، وَقَالَ: إِنْ رَبَّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَطْيَبَ مِنْهَا فَعَلَ إِنَّ رَبَّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ لَا يَأْكُلُ غَيْرَ الخشف يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وَلِأَنَّ الْمَعِيبَ نَاقِصٌ وَالْمُسَوَّسَ فَارِغٌ.
فأما القديم، فإن تغيير لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ لَمْ يَجُزْ إِخْرَاجُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ شَيْءٌ مِنْ أَوْصَافِهِ، وَإِنَّمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ لِقِدَمِهِ، فَإِخْرَاجُهُ جَائِزٌ وغيره أولى منه.