الحاوي الكبير (صفحة 1341)

باب مكيلة زكاة الفطر

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شعيرٍ (قال الشافعي) وبين في سنته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنَ الْبَقْلِ مِمَا يَقْتَاتُ الرجل وما فيه الزكاة ".

قال الماوردي: صَحِيحٌ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه نص في زكاة الفطر على أشياه، فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ (هَذَا التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ) وَفِي حَدِيثِ غَيْرِهِ (الْحِنْطَةُ وَالزَّبِيبُ) فَاعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ كَوْنُهُ قُوتًا مُدَّخَرًا لِأَنَّ مَا نَصَّ عَلَيْهِ مِنَ التَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ قُوتٌ مُدَّخَرٌ، وَذَهَبَ أبو حنيفة إِلَى أن الْمُعْتَبَرَ فِيهِ كَوْنُهُ مَأْكُولًا مَكِيلًا حَتَّى رَوَى عَنْهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ أَنَّهُ إِنْ أَخْرَجَ صَاعًا مِنْ إِهْلِيلَجٍ أَجْزَأَ؛ لِأَنَّ مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ مَأْكُولٌ مَكِيلٌ، وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَوْلَى لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّلَبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ " وَإِغْنَاؤُهُمْ بِالْقُوتِ أَعَمُّ، وَنَفْعُهُمْ بِهِ أَكْثَرُ لِأَنَّهُ قد يكون في المأكول ما لا يُغْنِي عَنِ الْقُوتِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ مَا يَخْرُجُ زَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْهُ مُقَابِلٌ لِمَا تَجِبُ زَكَاةُ الْمَالِ فِيهِ فَلَمَّا وَجَبَتْ زَكَاةُ الْأَمْوَالِ فِي الْأَقْوَاتِ الْمُدَّخَرَةِ دُونَ سَائِرِ الْمَأْكُولَاتِ، اقْتَضَى أَنْ يَجِبَ إِخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنَ الْأَقْوَاتِ الْمُدَّخَرَةِ دُونَ سَائِرِ الْمَأْكُولَاتِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ كَوْنُهُ مُدَّخَرًا قُوتًا، فَهُوَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَالْعَلَسُ وَالسُّلْتُ وَالْأَرُزُّ وَاللُّوبِيَا وَالْحِمَّصُ وَالْجُلْبَانُ وَالْعَدَسُ وَالْجَاوَرْسُ وَالذُّرَةُ، فَأَمَّا الْبَاقِلَّى فَقَدْ أَحْسَبُهُ يُقْتَاتُ فَإِنْ كَانَ قُوتًا أَجْزَأَهُ، إِذَا أَدَّى مِنْهُ صَاعًا، وَالَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ قُوتٌ تَجِبُ فِيهِ زَكَاةُ الْمَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إِنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنَ الْبَقْلِ فَيَعْنِي مَا يَبْقَى مُدَّخَرًا لِأَنَّ أَصْلَ الْبَقْلِ مَا يَبْقَى من الشيء.

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: " وأي قوتٍ كان الأغلب على الرجل أدى منه زكاة الفطر كان حنطة أو ذرةً أو عَلَسًا أَوْ شَعِيرًا أَوْ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015