وهذا أنس بن مالك يقول: "خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما قال لي لشيء فعلته ... (لِمَ فعلت كذا وكذا) ولا لشيء لم أفعله: (ألا فعلت كذا؟) " (?) ... وقال: وكان إذا لامني بعض أهله يقول: (دعوه فلو قُدِّر شيء كان) (?).

ويقول ابن عباس - رضي الله عنهما - كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا غلام! إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشئ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف) (?).

انظر إليه صلى الله عليه وسلم وهو يربط ما يحدث في الحياة بالله عز وجل، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الريح من روح الله تعالى: تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبُّوها، واسألوا الله من خيرها، واستعيذوا بالله من شرها) (?).

ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله، يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك، فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم) (?).

وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة والكثيرة التي كان يُوجِّه بها من حوله من أصحابه، وأمته من بعده، وهي تربط مجريات الأحداث بالله عز وجل، فيزداد بذلك التعلق به سبحانه، والتوحيد الخالص له.

- الترغيب في الآخرة:

أما ترغيبه صلى الله عليه وسلم لصحابته في الجنة وتخويفهم من النار فما أكثر الأحاديث التي وصلتنا لتؤكد هذا المعنى ..

عن قبيصة - رضي الله عنه - قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: (يا أيها االناس، اذكروا الله، جاءت الراجفة، من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه) " (?).

وفي الصحيحين من حديث البراء رضي الله عنه قال: "أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثوب حرير، فجعلوا يعجبون من لينه، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تعجبوا من هذا، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا) ".

وكان صلى الله عليه وسلم يشحذ همم الصحابة لدخول الجنة فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ": (ألا هل من مشمر للجنة فإن الجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وثمرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، ومقام في أبد في دار سليمة، وفاكهة وحبرة، ونعمة في حلة عالية بهية)، قالوا: نعم يا رسول الله نحن المشمِّرون لها، قال: (قولوا إن شاء الله)، قال القوم: "إن شاء الله" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015