فالقرآن هو الوسيلة الفعالة للمعرفة .. معرفة الله عز وجل، ومعرفة النفس، ومعرفة الدنيا، ومعرفة الآخرة.
وما تتميز به معارف القرآن أنها تتكرر في الكثير من السور بأساليب مختلفة، وتخاطب العقل والوجدان ليتم من خلال ذلك ترسيخ تلك المعارف في يقين الإنسان، وتوجيه مشاعره نحوها مما يثمر إيمانًا حيًا قويًا.
أما أحداث الحياة: فكل ما يحدث للإنسان هو بمشيئة من الله عز وجل، وما من مشيئة لله إلا وراءها حكمة تصب في مصلحة البشر كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (البقرة:143).
فما الحياة إلا رسائل متتابعات من الله عز وجل تعرفنا به سبحانه، وبأنفسنا، وبقيمة الدنيا، وبقيمة الآخرة ..
نعم الكثير منا غافل عن هذه الآيات: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} (يوسف:105).
ولكن من خلال حسن التعامل مع القرآن، والانتباه التدريجي الذي سيحدث للفرد كنتاج لهذا التعامل، سيكون من السهل عليه قراءة الرسائل الإلهية والاعتبار بها، وحسن الفهم عن الله عز وجل، وربط أحداث الحياة به، لتزداد المعرفة واليقين به سبحانه وبالدار الآخرة ويزداد الحذر من النفس والدنيا ..
أما الصحبة الصالحة فهي تعد بمثابة البيئة التي من خلالها يمارس أبناء الجيل الموعود صفة الأخوة مما يثمر جيلًا قويًا مترابطًا كالبنيان يشد بعضه أزر بعض.
ومن خلال الصحبة الصالحة والبيئة التربوية كذلك يتم ممارسة بعض الوسائل التي تعين على زيادة المعارف السابقة وربطها بالواقع ليزداد الإيمان والانتباه.
وفيها يتم مدراسة كل ما يخدم القرآن ويؤكد على ما فيه من الحكمة والمعاني الإيمانية كالسيرة والتاريخ وأصول الفهم، ومن خلالها يتم التواصي بالحق وبالتواصي بالصبر، وتثبيت الأفراد لبعضهم البعض.
ومع هذه الوسائل الثلاث " القرآن - الاعتبار - الصحبة " يأتي دور المعلم والمربي ليربط الوسائل بعضها ببعض .. يأخذ بيد الضعيف حتى يشتد عوده ويدخله إلى عالم القرآن، حتى يرد موارد الإيمان فيه، ويستطيع أن يعتبر بأحداث الحياة ويقرأ الرسائل الإلهية ويقترب من ربه.
ووجود المربي كذلك مهم لشحذ الهمم للتشمير للآخرة والزهد في الدنيا.
ومن أهم أداواره: ضبط الفهم لدى الأفراد وتعليمهم الحكمة، والتأكد من حسن ممارستهم لها في مجيرات حياتهم.