قال المبرِّد: وحدَّث ابن عائشة في إسناد ذكره أن عليا رحمه الله انتهى إليه أن خيلا لمعاوية وردت الآبار فقتلت عاملا له يُقال له حسان بن حسان. فخرج مُغضبا يجرُّ ثوبه حتى أتى النُخيلة، واتَّبعه الناس، فرقيَ رباوة من الأرض، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد نبيَّه صلى الله عليه وسلم ثم قال: أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله الذُّلَّ، وسِيما الخسف، ودُيِّث بالصغار. وقد دعوتكم إلى حرب هؤلاء القوم ليلا ونهارا، وسرّا وإعلانا. وقلت لكم: اغزوهم من قبل أن يغزوكم. فوالذي نفسي بيده ما غُزي قوم قطُّ في عُقر دارهم إلا ذَلُّوا. فتخاذلتم وتواكلتم، وثَقُل عليكم قولي، واتَّخذتموه وراءكم ظهريّا حتى شُنَّت عليكم الغارات.

هذا أخو غامد، قد وردت خيله الأنبار، وقتلوا حسان بن حسان، ورجالا كثيرا منهم ونساء. والذي نفسي بيده لقد بلغني أنه كان يدخل على المرأة لمسلمة والمُعاهدة فتُنزَع أحجالُهما ورُعثُهما، ثم انصرفوا موفورين، ولم يُكلَم أحد منهم كَلما فلو أنَّ أمرأ مسلما مات من دون هذا أسفا ما كان فيه عندي ملوما. بل كان به جديرا. يا عجبا كلَّ العجب من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم، وفشلِكم عن حقِّكم.

إذا قلت لكم: اغزوهم في الشتاء. قلتم: هذا أوان قُرٍّ وصِرٍّ. وإن قلت لكم: اغزوهم في الصيف قلتم: هذه حمارة القيظ، أنظِرنا ينصرم الحرُّ عنا. فإذا كنتم من الحرِّ والبرد تفرُّون فأنتم والله من السيف أفرُّ. يا أشباه الرجال ولا رجال، ويا " طغام الأحلام "، ويا عقول ربّات الحجال. والله لقد أفسدتم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015