العباس بن عبد المطلب: كان أسنَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين وقيل: ثلاث سنين. وأمُّه امرأة من النَّمِرِ بن قاسط، وهي نُثيلة بنت جناب بن حبيب بن مالك بن عمرو بن عامر الضَّحيان الأصغر بن زيد مناة ابن عامر الضَّحيان الأكبر بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النَّمر بن قاسط. هكذا نسبها أبو عبيدة معمر بن المثنَّى، قال: وهي أول عربية كست البيت الحرام الحرير والدِّيباج وأصناف الكسوة؛ وذلك أن العباس ضلَّ وهو صبي، فنذرَتْ إن وجدَتْهُ أن تكسو البيت الحرام فوجدته وفعلت. وكان رئيسا في الجاهلية، وإليه كانت عمارة المسجد الحرام والسقاية في الجاهلية. فالسقاية معروفة، وأما العمارة فإنه كان لا يدع أحدا يستبُّ في المسجد الحرام، ولا يقول فيه هُجرا، يحملهم على عمارته في الخير، لا يستطيعون لذلك امتناعا منه لأنه كان ملأ قريش قد اجتمعوا وتعاقدوا على ذلك، فكانوا أعوانا عليه، وسلَّموا ذلك إليه. وكان أنصر الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبي طالب. وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة مع الأنصار السَّبعين ليشُدَّ العقد للنبيَّ عليه السلام عليهم، وهو على شركه. وأسلم العباس قبل فتح خيبر، وقيل: أسلم قبل بدر إذ ذكر بعض من ألَّف في المغازي أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أُسِر يوم بدر: يا رسول الله إني مسلم، وإني أُخرِجتُ كَرها. فقال: " الله أعلم بإسلامك، وأما ظاهر أمرك فعلينا ". وكان مقيما بمكة من أجل السقاية أذن له النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. وكان يسُرُّه ما يفتح الله على المسلمين، ويكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان المسلمون يتقوُّنَ به، ولكن يكتم إسلامه، وفي حديث الحجاج بن عِلاط السُّلَمِيِّ ثم البَهْزي أنه كان مسلما في قصته مع قريش حين خدعهم بعد فتح خيبر، وحديثه بذلك صحيح من رواية ثابت البنانيِّ وغيره عن أنس. وقد مضى ذكره في بَهْزٍ من سُلَيم.
وأُسر العباس يوم بدر ففدى نفسه وفدى نوفلا وعقيلا ابني أخويه الحارث وأبي طالب. والذي أسر العباس أبو اليَسَر كعب بن عمرو السُّلميُّ من بني سَلٍمة بن الخزرج. وكان أبو اليَسَر رجلا قصيرا مجموعا، والعباس رجل طويل ضخم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد أعانك عليه مَلَكٌ كريم ". وقال: