وقال البخاريُّ: حدثنا مُعاذ بن أسد قال: نا عبد الله، قال: نا يونسُ عن الزهريِّ قال: حدثني سعيدُ بن المسيَّب أن أبا هُريرة حدَّثه قال: نا سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يدخلُ الجنة من أمتي زمرةٌ هم سبعون ألفاً تُضيء وجوهُهم إضاءةَ القمر ليلة البدر ". قال أبو هُريرة: فقام عُكاشةُ بن مِحصَن الأسديُّ يرفع نَمِرةً عليه. فقال: يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلني منهم. فقال: " اللهمَّ اجعلهُ منهم ". ثم قام رجلٌ من الأنصار فقال: يا رسول الله ادعُ الله أن يجعلني منهم. قال: " سبقك بها عكاشةُ ".
قال بعض أهل العلم: إن ذلك الرجل كان منافقاً، فأجابه بمعاريض من القول. وكان صلى الله عليه وسلم لا يكادُ يمنعُ شيئاً من يسأله إذا قَدرَ عليه. وكان عكاشةُ من أجمل الرجال. روى عنه من الصحابة أبو هُريرة وابنُ عباس. وتُوفي في خلافة أبي بكر الصديق يوم بُزاحة في الرِّدة. قتله طُليحةُ بن خُويلدٍ الأسديُّ، وقَتل معه ثابتَ بن أقرمَ البلوي حليف الأوس في يومٍ واحد سنة إحدى عشرة من الهجرة. واْشتركَ طُليحة وأخوهُ في قتلهما جميعاً. وكان طليحةُ تنبَّأ في بني أسدٍ، وكان معه عُيينة بن حصنٍ في بني فَزارةَ، ثم أسلم بعدُ، فحسُن إسلامه. وقال له عمر بن الخطاب بعد ما أسلم: لا أُحبُّك بعد قتلك الرجلين الصالحين، يعني عُكاشة وثابتاً. فقال: يا أمير المؤمنين أَكرمَهُما اللهُ بيدي، ولم يُهِنِّي بأيديهما.
وأبلى طُليحةُ في فتوح العراق بلاءً حسناً، وكان له فيها غَناء عظيم. حدَّث بقيُّ بن مَخْلدٍ قال: نا أبو بكر بن أبي شيبةَ قال: نا ابن عُيينة عن عبد الملك بن عُمير قال: كتب عمرُ إلى النعمان بن مُقرِّن: استشِر واستعِن في حَربك بطُليحة وعمر وبن معد يكرب، ولا تُولِّهما من الأمرِ شيئاً، فإن كلَّ صانع هو أعلمُ بصناعته.