حتى تقطَّع سيفُه في يده. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه جِذلاً من حطب، فقال: " قاتل بهذا أبا عكاشة ". فلما أخذهُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم هزَّه، فعاد سيفاً في يدهِ، طويل القامة، شديد المتن، أبيض الحديدة. فقاتل به حتى فتح اللهُ على المسلمين. وكان ذلك السيف يسمى العون، لم يزل معه يَشهد به المشاهد الشجاعة، شديد البأس على المشركين. ولما أغار عُيَينةُ بن حصن الفِزاريُّ على لِقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغابة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسلمون في آثارهم، وهي غَزوة ذي قَرَدٍ، فأدركَ عكاشةُ أوْباراً وابنه عَمرو بن أَوبار، وهما على بعيرٍ واحد، فانتظمهما بالرمح فقتلهما. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " منَّا خيرُ فارس في العرب ". قالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: " عكاشة بن محصنٍ ". فقال ضِرار بن الأزور الأسدي: ذلك رجلٌ منا يا رسول الله. قال: " ليس منكم، ولكنه منَّا للحِلف ". وهو الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمعه يقول: " يدخلُ الجنةَ سبعون ألفاً من أمَّتي على صورة القمر ليلة البدر ". فقال: يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلني منهم. قال: " اللهمَّ احعله منهم ". فقام رجلٌ من الأنصار فقال: يا رسول الله ادعُ الله أن يجعلني منهم. قال " سبقكَ عُكاشةُ وبردتِ الدعوةُ ".

وروى حمَّاد بن سلمة عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " عُرضتْ عليَّ الأمَمُ بالموسمِ، فراثَت عليَّ أمتي. ثم رأيتهم فأعجبني كثرتُهم؛ قد ملؤوا السهل والجبل، فقال: " محمدُ، أرضيتَ؟ ". قلت: " نعم ياربِّ ". قال: " فإنَّ لك مع هؤلاء سبعين ألفاً يدخلون الجنةَ بلا حساب، هم الذين لا يسْتَرقون، ولا يَكْتوون، ولا يتطيَّرون، وعلى ربهم يتوكلون ". فقال عُكاشةُ بن مِحصَن: ادعُ الله ان يجعلني منهم. فدَعَا لهُ. فقام رجلٌ أخر فقال: يا رسول الله ادعُ اللهَ أن يجعلني منهم، فقال سبقك بها عكاشة ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015