الجوهر النقي (صفحة 2046)

[الحديث ثم حكى عن الشافعي انه قال (انما معنى ذلك والله اعلم انها لم يحلل ان ينصب عليها الحرب حتى تكون كغيرها فقد أمر النبي عليه السلام عندما قتل عاصم بن ثابت وخبيب بقتل ابى سفيان في داره بمكة غيلة ان قدر عليه وهذا في الوقت الذى كانت فيه محرمة فدل انها لا تمنع احدا من شئ وجب عليه وانها انما تمنع من ان ينصب عليها الحرب كما ينصب على غيرها) ثم ذكر البيهقى بعثه صلى الله عليه وسلم إلى ابى سفيان من يقتله وفى آخره (ان عمرو بن امية جاء إلى خبيب وهو مصلوب فانزله واهال عليه التراب) - قلت - ذكر شارح العمدة في حديث ابن خطل ان اباحته عليه السلام لقتله قد تمسك به في اباحة قتل الملتجئ إلى الحرم ويجاب عنه بانه محمول على الخصوصية التى دل عليها قوله صلى الله عليه وسلم ولم تحل قبلى ولا تحل لاحد بعدى وانما احلت لى ساعة من نهار - وقال في شرح حديث أبى شريح قوله عليه السلام فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر ان يسفك بها دما - يؤخذ منه امران - احدهما - تحريم القتال لاهل مكة وهو الذى يدل عليه سياق الحديث ولفظه وقد قال بذلك بعض الفقهاء وفى التلخيص في اول كتاب النكاح في ذكر الخصائص لا يجوز القتال بمكة حتى لو تحصن جماعة من الكفار فيها لم يجز لنا قتالهم فيها وحكى الماوردى ايضا ان من خصائص الحرم ان لا يحارب اهله ان بغوا على اهل العدل فقد قال بعض الفقهاء يحرم قتالهم بل يضيق عليهم حتى يرجعوا إلى الطاعة ويدخلوا في احكام اهل العدل وقد قيل أن الشافعي اجاب عن الاحاديث بأن معناها تحريم نصب القتال عليهم وقتالهم بما يعم كالمنجنيق وغيره إذا لم يمكن اصلاح الحال بدون ذلك بخلاف ما إذا تحصن الكفار في بلد آخر فانه يجوز قتالهم على كل وجه وبكل شئ واقول هذا التأويل على خلاف الظاهر القوى الذى دل عليه العموم في النكرة في سياق النفى في قوله فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما وايضا فان النبي صلى الله عليه وسلم بين خصوصيته باحلالها ساعة من نهار وقال فان احد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا ان الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم - فان هذا اللفظ يفيد أن المأذون لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لم يؤذن فيه لغيره والذى أذن للرسول فيه انما هو مطلق القتال ولم يكن قتال النبي صلى الله عليه وسلم لاهل مكة بمنجنيق وغيره مما يعم كما حمل عليه الحديث في هذا التأويل وايضا فان الحديث وسياقه يدل على ان هذ التحريم لاظهار حرمة المنفعة (?) بتحريم مطلق القتال فيها وسفك الدم وذلك لا يختص بما يستأصل وايضا فتخصيص الحديث بما يستأصل ليس لنا دليل على تعيينه لان يحمل عليه الحديث فلو أن قائلا ابدى معنى آخر خص به الحديث لم يكن هذا اولى منه - الثاني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015