وباشر نيابة عمه وشيخه قاضى القضاة جمال الدين المرداوى من حين توجه إلى الحج هو ونائبه وصهره القاضى شمس الدين بن مفلح سنة ستين واستمر بالحكم سبع سنين إلى أن عُزل مستخلفه [ثم] باشر نيابةَ قاضى القضاة علاء الدين العَسْقلانى مُدّة وولايتَه إلاّ مدّة يسيرة من أولها وكانت نحو خمس سنين، ثم اشتغل بالقضاء من جمادى إلى عشر ذى القعدة سنة ست وسبعين باشر اثنتى عشر سنة إلا أربعين يومًا. قالَ ابنِ حِجّى: كان رجلًا عالمًا جيدَ الفِقه والفَهم حسنَ الاستحضار خبيرًا بالأحكام عارفًا بالأمور ذاكرًا للوقائع صبورًا على الحكم، ولم يكِن بَقىَ من الحنابلة أقدم منه وكان يكتب على الفتاوى قبل القضاء كتابةً جيدةً وعنده كَيَسٌ وتواضعٌ وقضاءٌ لحقوقِ الأصحاب والإخوان، وكان يُسارع إلى إثبات هلال رمضان. وقال شهاب الدين الزُّهرى: كان قد درب الأحكام، وعرف الناس. وذكر ذلك ابن [قاضى] شهبة، قال فى تاريخه (?) أيضًا. قلت: وردت عليه حكايات ظريفة تدل على دينه فمن ذلك أن امرأة جاءت تَشْتكى على زوجها تريد طلاقه، فدخل الخَلاء بإبريقٍ فكسره وخرج يتأسف عليه. فقال له رجل: يا سيّدى لِمَ تتأسف عليه أنا أشترى لك بدله؟ فقال: والله ما علىّ منه، ولكن أستحى أن أُطلع على عَورتى إبريقًا غيره وله مدة يطّلع على عورتى، فقالتْ المرأة فى نفسها القاضى يستحى أن يُطْلع على عورته إبريقًا غير هذا، وأنا لا أستحى أُطلع على عَوْرَتِى رجلًا غير هذا، فراجعت نَفسها ومَضت وتركت ما كانت تُريد. وحُكى عنه أنه حكم على نائب الشَّام، وسمعتُ من بعضهم أنه حكم على السُّلطان. وأخبرتُ أن السّلطان عَزله مرة فلم يَنعزل وقالَ: إذا عُزل المُوّلى وهو صالحٌ لم يَنعزل. قالَ ابن قاضى شهبة (1): توفى يوم الثلاثاء