الأمير أبو عبيدة - رضي الله عنه - إلى ذلك وما فعل فبكى وقال: "هكذا يكون من يبذل مهجته في سبيل الله، اللهم تقبل له فعله" قال جابر بن عبدالله - رضي الله عنه -: شهدت قتال اليرموك فما رأيت غلاما كا أنجب من جندب بن عامر بن الطفيل، حين قاتله جبلة، وبعد ذلك حمل عليه جبلة وضربه ضرة أردته.
وأصيب المسلمون بعامر بن الطفيل وولده جندب، قال: فعندها صاحت دوس الجنة الجنة، خذوا بثأر سيدكم عامر، وساعدتها الأزد، وكانوا أحلافهم، وحملو على غسان ولخم وجذام، وتناشدوا الأشعار، فصاح أبو عبيدة - رضي الله عنه - بالمسلمين، وقال: "أيها الناس: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (?) ومعانقة الحور العين في جنات النعيم، فما من موطن أحب إلى الله من هذا الموطن، ألا وأن للصابرين فضلهم الله على غيرهم ممن لم يشهد مشهدهم هذا، " ولما سمعت الأزد حملت مع دوس، وكان شعارهم يومئذ الجنة الجنة (?).
قلت: وغير بعيد أن يكون عامر وابنه جندب، شخصيتان دوشيتان، غير الطفل وابنه عمرو، وإنما وقع الخلط في نسبة الرؤيا، المنسوبة للطرفين، والأشهر أنها للطفيل - رضي الله عنهم -، ولا يبعد حصولها لكل منهما بالصفة الواردة عن كل منهما، والله أعلم.
جندب بن عمرو بن حممة بن الحارث بن رافع بن ربيعة (?) بن ثعلبة بن لؤي بن عامر بن غانم بن دُهمان بن منهب بن دوس الدوسي، قد ينسب إلى جده فيقال: جندب بن حممة الدوسي، كان يقول في الجاهلية: إن للخلق خالقا، لكني لا أدري من هو (?)، فلما سمع بخبر الني - صلى الله عليه وسلم - خرج وخرج معه خمسة وسبعون رجلا من قومه،