كان قاله ـــ «خذ أول غلامين تلقاهما من هوزان» فأخذ أُبي بن مالك، ويقال: ابن سلمة بن معاوية بن قشير، والآخر: حيدة؛ أحد بني الجريش، فأتى بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنسبهما، فقال لأُبي: «أما هذا فإن أخاه يزعم ويزعم له أنه فتى أهل المشرق، كيف قال القائل يا أبا بكر؟ » قال: فقال أبو بكر:
إن نهيكا أبى إلا خليقته ... حتى تزول جبال الحرة السود
قال أبو زيد بن شبة: والشعر لنهيك، وقيل: هذا البيت منه:
يا خال دعني ومالي ما فعلت به ... وخذ نصيبك مني إنني مودي
وأما هذا ـــ لابن حيدة ـــ «فإنه من قوم صليبٌ نسبهم، شديدٌ بأسهم، اشدد يديك بهما حتى تؤدي إليك ثقيف أهلك».
قال أُبي: يا محمد، ألست تزعم أنك خرجت تضرب رقاب الناس على الحق؟ قال:
«بلى» قال: فأنت والله أولى بثقيف مني، شاركتهم في الدار المسكونة، والأموال المعمورة، والمرأة المنكوحة قال: «بل أنت أولى بهم مني، أنت أخوهم في العصب، وحليفهم بالله ما دام الصالف مكانه، ولن يزول ما دامت السموات والأرض».
وقال لمروان: «اجلس إليهما» فكأنه لم يفعل، فأجاز بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فشكوا ذلك إليه، فأمر بلالا بألا يغلق عليهما، فجاءه الضحاك بن سفيان الكلابي أحد بني بكر بن كلاب فاستأذنه في الدخول على ثقيف، فأذن له، فكلمهم في أهل مروان وماله، فوهبوه له، فدفعه إلى مروان فأطلق الغلامين، فعتب الضحاك بعد ذلك على أُبي بن مالك في بعض الأمر فقال يذكر بلاءه عنده:
أتنسى بلائي يا أبي بن مالك ... غداة الرسول معرض عنك أشوس
يقودك مروان بن قيس بحبله ... ذليلا كما قيد الذلول المخيس
فعادت عليك من ثقيف عصابة ... متى يأتهم مستقبس الشر يقبسوا (?)
قال مروان في القصة: حضرت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكرت عنده الكهانة فيما كان من آياته عند مخرجه.