لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه عاش (140) مأئة وأربعين سنة، قتله تأبط شرا (?).
مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (?)، أول من مُلّك على العرب بالحيرة، هاجر من اليمن بعد سيل العرم في جماعة من قومه، فنزل العراق وابتنى بستانا في موقع الحيرة، وامتدت أيدي رجاله بحكم تلك الأنحاء، فلم يكن عليها سلطان غير سلطانه، وعاش فيها نحو عشرين سنة، قتله ابنه سليمة خطأ، وكان مالكا أراد اختبار يقظة ابنه في أثناء الحراسة، ومقدار احترازه في الظلام، في ليلة نوبته، فرماه سليمة خطأ وهو يظنه عدوا، فلما رأى سليمة أنه قد قتل أباه، خاف إخوته على نفسه، فاعتزلهم. وأجمع أمره على الخروج من بينهم، فرحل إلى فارس.
فسار اليه أخوه هناءة بن مالك، في جماعة من وجوه قومه من الأزد، واجتمعوا اليه، وكرهوا عليه الخروج، وكان أكثر أوقاته متخوفا من أخيه معن بن مالك، خاف أن يقتله أخوه جزاء ما فعل، فقال لقومه: إني لا أستطيع المقام بينكم، وقد قتلت أبي، وقد يأتني من معن ما أكره، فاخاف أن يغتالني، في بعض سفهاء قومه، فناشدوه الله والرحم، لما أن يرجع عندهم، وضمن هناءة عنه بتسليم الدية من ماله إلى أخيه معن، دون سائر ولد مالك، وأعفوه عن القود، فقبل ذلك منهم ورجع معهم.
وقيل: أنشأ هناءة بن مالك يرثي أباه:
لو كان يبقى على الأيام ذو شرف ... لمجده لم يمت فهم وما ولدا
حلت على مالك الأملاك جائحة ... هدت بناء العلا والمجد فانقصدا
إذًا جذيمة لا يبعد ولا غلبت ... به المنايا وقد أودى وقد بعدا
لو كان يفدى لبيت العز ذو كرم ... فداك من حل سهل الأرض والجلدا