فكيف يكون المؤمنون يرفعون إليه حوائجهم بعده بوسائط من الحجاب، وهو القائل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (?).
وليس من أولياء الله المتقين، ولا عباد الله المخلصين الصالحين، ولا أنبيائه المرسلين: من كان غائب الجسد دائمًا عن أبصار الناس، بل هذا من جنس قول القائلين إن عليًّا في السحاب، وإن محمد بن الحنفية في جبال رضوى، وأن محمد بن الحسن بسرداب سامرى، وأن الحاكم بجبل مصر، وأن الأبدال الأربعين بجبل لبنان، فكل هذا ونحوه من قول أهل الإفك والبهتان (?).
وجميل قول ابن تيمبة رحمه الله: وأما أهل العلم فكانوا يقولون عن أهل الحديث: هم الأبدال؛ أبدال الأنبياء، وقائمون مقامهم حقيقة، ليسوا من المعدمين؛ الذين لا يعرف لهم حقيقة، كل منهم يقوم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه: هذا في العلم والمقال، وهذا في العبادة والحال، وهذا في الأمرين جميعًا، وكانوا يقولون: هم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، الظاهرون على الحق؛ لأن الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسله معهم، وهو الذي وعد الله بظهوره على الدين كله، وكفى بالله شهيدًا.
إن الذين يعيبون أهل الحديث، ويعدلون عن مذهبهم جهلة زنادقة منافقون بلا ريب، ولهذا لما بلغ الإمام أحمد عن أبي قتيلة أنه ذُكِر عنده أهل الحديث بمكة، فقال: قوم سوء، قام الإمام أحمد، وهو ينفض ثوبه، ويقول: زنديق، زنديق، زنديق، ودخل بيته (?).
أما عبدالكبير الدوسي، الذي قيل: كان من الأبدال فقد روى عن أبيه، بسده عن جابر بن عبد الله قال: "لما نزل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} هرب الغيم إلى المشرق، وسكنت