كان مجاب الدعوة فقد قال: "اللهم لا تدركني سنة ستين" فتوفي فيها، أو قبلها بسنة، قال الواقدي: إنه توفي سنة تسع وخمسبن، عن ثمان وسبعين سنة (?)، وصلى عليه عند صلاة العصر الوليد بن عتبة بن أبي سفيان نائب المدينة، وفي القوم ابن عمر، وأبو سعيد، وخلق من الصحابة - رضي الله عنهم -، وغيرهم، وكانت وفاته في داره بالعقيق (?)، وكانت له دار بالبلاط (?)، سميت بذلك لأنها داخل المدينة فرشت بالحجارة، أو: الآجور، ويقال: الأرض المستوية، ويقال: القاع، وقد انتُهبت دار أبي هريرة مع دار عثمان بعد قتله، وهي قريبة من مسجد بني زريق (?)؛ وهو أول مسجد قرئ فيه القرآن بالمدينة، قبل هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - (?)، ومكانه قريب من مسجد الغمامة اليوم.
حُمل أبو هريرة من داره بالعقيق إلى المدينة، وصُلّي عليه ثم دفن بالبقيع (?).
وقيل: توفي أبو هريرة سنة سبع، وقيل: سنة ثمان وخمسين، والقولان مشهوران، وقيل: سنة تسع وخمسين، وله ثمان وسبعون سنة، رضي الله عنه وأرضاه.
ولم يسلم ابو هريرة من عداوة الناس، ولو كان له ذلك لسلم من العباد رب العباد - عز وجل -، فإن له تعالى من خلقه أعداء لم يصدقوا رسله، وكذلك الأنبياء، وكل بني آدم لم يسلم أحد من عداوة الآخرين، فهذا أبو هريرة الصحابي الإمام، العالم التقي النقي، الطاهر العلم، مَنْ قدح في صحبته، وعلمه وفضله ما ضر إلا نفسه، ونعمل بقول الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (?).