روايته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

كان أبو هريرة من أهل الصفة، منقطعا لتحصيل العلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لازم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شبع بطنه، وكانت يده مع يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يدور معه حيث دار (?)، فوعى علما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تمثل في قوله - رضي الله عنه -: "حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاءين: فأما أحدهما فبثثته في الناس، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم" (?).

الوعاء الأول:

وصلنا منه (5374) خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعون حديثا، تضمنتها دواوين السنة: الصحاح، والمسانيد، والمعاجم، والمستدركات، والأجزاء، والتراجم، والسيَر، وغيرها.

الوعاء الثاني:

علم مخزون لدى أبي هريرة - رضي الله عنه - لم يبثه في زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما؛ وهو ما يتعلق بالفتن والملاحم، وما سيقع بين الناس من الحروب، وكان وقت أبي بكر وعمر رضي الله عنهما غير مناسب لبث ذلك؛ لسلامة وقتهما في غالب الأمر، سوى ما كان من حروب الردة التي قضي عليها في مهدها، وكان عهد عمر سالما من ذلك، فلو أخبر بها في ذلك الحين لبادر كثير من الناس إلى تكذيبه، وردوا ما أخبر به من الحق، ولربما كان لديه نهي عن بثها قبل أوانها، يؤيد هذا قوله: "لو أخبرتكم أنكم تقلتون إمامكم، وتقتتلون فيما بينكم بالسيوف لما صدقتموني" وصدق - رضي الله عنه - لو أخبر بقتل عمر، وقتلهم عثمان - رضي الله عنهم -، لما صدقه الناس، ولكان لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - موقف لا يحمده أبو هريرة - رضي الله عنه -، علما بأن الأشارة وردت إلى ذلك في بشارة عثمان - رضي الله عنه - بالجنة على بلوى تصيبه، ولعلمه بأن الحق مع عثمان - رضي الله عنه - إنحاز إليه وناصره، فبان بعد الوقوع بعض ما خزنه أبو هريرة - رضي الله عنه -، ولذلك قال - رضي الله عنه -: "إني لأحدث أحاديث لو تكلمت بها في زمان عمر، أو: عند عمر لشج رأسي" (?)؛ لأن عمر كان شديدا على من يروي حديثا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، خوفا من الغلط، أو: القول بدون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015