ووراء كونِه لم يدع رتبةً أرفع منها، وهو منعه مَنْ يفعلُ ذلك مِنْ طلبته، كما أخبرني الشيخُ البدر أبو علي حسن بن علي الدِّماطي الضَّرير وهو مِنْ طلبته، أن صاحبَ الترجمة سمعه وهو يدعو على مَنْ يروم مَساءته فمنعه مِنْ ذلك، وقال: سلِ اللَّه أن يكفيني أمرَهم.
ونحوه مما شاهدتُه: أنَّ بعضهم حضر إليه وهو مسرورٌ، وأخبره بإدخالِ بعضِ مَنْ ناوأه حبس ذوي الجرائم، فتغيَّظ على المخبِرِ، وقال: إنَّما يفرَحُ بهذا فاسقٌ مِنْ أجل تلبُّسه بهذا المنصب الشريف. انتهى.
والحامل للطاعنين في علاه إنما هو الحسد، وما أحقَّهم بقولِ القائل:
حسَدُوا الفتى إذ لم ينالُوا سعيَهْ ... فالقومُ أعداءٌ لهُ وخُصُومُ
كضرائرِ الحَسْنَاءِ قُلْنَ لوجهِهِا ... حسدًا وبغيًا: إنَّه لدَمِيمُ
يا كعبُ ما إن رأى مِنْ بيتِ مَكْرُمَةٍ ... إلا له مِنْ بيوت النَّاسِ حسَّادُ
حَسَدوكَ أنْ رأوْكَ فضَّلك الـ ... ـله بما فُضِّلتَ به النُّجَبَا
إن يحسُدُوني فزادَ اللَّه في حَسَدِي ... لا عاشَ مَنْ عاشَ يومًا غيرَ مَحْسُودِ
ما يُحْسَدُ المَرءُ إلا مِنْ فضائِلِه ... بالعلم والبأس أو بالمَجْدِ والجُودِ
فازدادَ لي حَسَدًا مَنْ لستُ أحسُدُه ... إنَّ الفضيلةَ لا تَخْلو عَنِ الحَسَدِ
وقال الصَّفِيُّ الحلِّيُّ فيما أنبأني به أبو هريرة القبَّاني، عَنِ ابنِ رافعٍ، عنه:
أوَدُّ حُسَّاديَ أن يكْثُرُوا ... وأعذُرُ الحاسِدَ في فِعْلِهِ
لا أفْقِدُ الحُسَّادَ إلا إذا ... فقدت ما (?) أُحْسَدُ مِنْ أجْلِهِ
وقال غيرُه: