وقال ابن الجزري: أدركتُ في هذا العلم ثلاثة حفاظ أعلام، انتهى إليهم هذا العلم في بلاد الشام، ولم يَخلُف بعدهم مثلهم في بلاد الإسلام (?)، أولهم ابن رافع، ولم يكن مثله في معرفة العالي والنَّازل، وأسماء رجاله المتأخرين وضبط المؤتلف والمختلف، وحفظ ذلك واستحضاره. وثانيهم: ابن كثير، ولم يكن مثله في أسماء رجاله المتقدمين، ومعرفة الصحابة والتابعين، والسيرة النبوية، والتواريخ الإسلامية وعَزْوِ المتون، وحفظها، والكلام عليها جرحًا وتعديلًا، وتصحيحًا وتضعيفًا، ولغتها ومعانيها، آية من آيات اللَّه تعالى في ذلك. وأما علم التفسير فلم يكن أحد يشاركه فيه، ولا يدانيه. وثالثهم: أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن أحمد بن المحبِّ، كان قد جمع معرفة رجاله المتقدمين والمتأخرين والرواة ومروياتهم وطبقاتهم، والأسانيد والمتون. وأما معرفة الأجزاء، والمتصل منها والمنقطع، فإنه كان في ذلك عجبًا من العجائب، رحمة اللَّه عليهم أجمعين.

وقد وقع لي حديثٌ مسلسلٌ بالحفاظ؛ وذلك فيما قرأته على الحافظين أبي النعيم بن محمد المُسْتَملي، وأبي محمد الهاشمي، رحمهما اللَّه تعالى مفترقين (?): الأول بالقاهرة، والثاني بالمسجد الحرام، كلاهما عن الحافظ الجمال أبي حامد القرشي، وشيخ الإسلام حافظ الوقت أبي الفضل العراقي، وتلميذه الحافظ الزاهد أبي الحسن الهيثمي، سماعًا على الأول، وإجازة من الآخرين (ح).

وكتب إليَّ عاليًا المُسندِ أبو هريرة المقدسي، قالوا: أخبرنا الحافظ أبو سعيد العلائي قال: الأول والأخير إجازة. قال: أنبأنا الحافظ أبو عبد اللَّه الذهبي، بقراءتي، أنبأنا الحافظ أبو الحجاج المزيّ، أنبأنا أبو عبد اللَّه محمد بن عبد الخالق بن طرخان، أنبأنا الحافظ أبو الحسن علي بن المفضَّل، أنبأنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السِّلفي، أنبأنا الحافظ أبو الغنائم محمد بن علي النرسي، أنبأنا الحافظ أبو نصر علي بن هبة اللَّه ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015