ذكر الأوقات التي يكرِّرُ فيها محفوظه، وسادسها: فيما ينبغي تقديمه من المحفوظات، ثم ذكر التراجم.
وكذا جمع أبو الوليد بن الدبّاغ الحافظ كتابًا في الحفاظ بدأ فيه بالزهريِّ، وختم بأبي طاهر السِّلفي، لكن لم أقف عليه.
وذكر القطب الحلبيُّ الحافظ: أن التقي ابن دقيق العيد جمع أسماء كل من وُصف في الأسانيد بالحفظ.
واعلم أنه ينبغي أن لا يقبل الوصف بذلك إلا مِنْ موصوف به، فربَّ من يسردُ كثيرًا من الأنساب والمتون ممن هو قاصر في تخريج الحديث، وتمييز صحيحه من سقيمه، ومعرفة علله وقصور عبارته، وجمود فهمه، عند مَنْ لا تمييز له، فيصفه بذلك ظنًّا منه أنَّ ذلك بمجرده كافٍ، وهذه غفلةٌ، إنَّما الحفظ المعرفة، هذا إن حصل الوثوق به فيما يسرده مما لا يعلمه إلا النُّقاد، فأما إذا لم يكن كذلك، فتلك الطامَّة.
وقد كان في شيوخ شيوخنا العلامة تقي الدين الدجوي ما لقيتُ أحدًا ممن أخذ عنه إلا وذكر عنه أمرًا عجيبًا في الحفظ. ومع ذلك، فقد قال فيه صاحب الترجمة ما نصه: كان يستحضرُ الكثير من هذا الفن. إلا أنه ليس له فيه عمل القوم، ولا كانت له عناية بالتخريج، ولا معرفة العالي والنازل، والأسانيد، وقدم الحافظ جمال الدين ابن الشرائحي عليه، لتحققه بذلك، وكذا قال شيخي. حيث ذكر في ترجمة العراقي شيخه أن من أخصِّ جماعته به صهره الهيثمي، وهو الذي درّبه وعلمه كيفية التخريج والتصنيف، بل هو الذي كان يعمل له خطب كتبه، ويسميها له وصار الهيثمي -لشدة ممارسته- أكثر استحضارًا للمتون من شيخه، حتى يظنُّ مَنْ لا خبرة له أنه أحفظ منه، وليس كذلك، لأن الحفظ المعرفة. انتهى.
وهو كذلك بلا شك، فقد قال ابن طاهر: سألت أبا القاسم هبة اللَّه بن عبد الوارث الشيرازي: هل كان الخطيب -يعني به الحافظ الشهير الذي الناس بعده عيال على كتبه- مثل تصانيفه في الحفظ؟ فقال: لا، كنا إذا سألناه عن شيء، أجابنا بعد أيام، وإن ألححنا عليه غضب، ولم