وقد انتدب يعض المعاصرين لشيخنا ممّن أخذتُ عنه, وقرَّض لي بعض تصانيفي لشرح البخاري، مدَّعيًا أنه لم يُشرح شرحًا يشفي العليل، ويُروي الغليل، مع كون معظم استمداده مِنْ شرح شيخنا السابق، لكن من غير عزوٍ إليه، بحيث يقضي كل واقف عليه العجب مِنْ ذلك، وربما اعترض بما لا طائل تحته.
وقد عمل شيخُنا -كما أسلفته- مصنفًا حافلًا، سمّاه "انتقاض الاعتراض" (?) بيَّن فيه المأخوذ من "شرحه" برمَّته، وأجاب عمّا زاده من الاعتراضات، لكنه لم يحرِّره قبل وفاته، وللَّه در القائل:
وكم مِنْ عائبٍ قولًا صحيحًا ... وآفته مِنَ الفهم السقيم
[وقول الآخر:
كم مِنْ كلامٍ قد تغمَّر حكمةً ... نال الكسادَ بسُوقِ مَنْ لا يفهَمُ
وكان الشافعي رحمه اللَّه ينشد لغيره.
رُبَّ عَيَّابٍ له منظرٌ ... مشتمل الثَّوب على العيبِ] (?)
وممَّا يُنسب لصاحب التَّرجمة قوله:
شرحي الذي سر في الآفاق سائرةً ... ونال مِنْ وِرْدِه الدَّاني مع القاصي
وأنت شرحُك في البيت اختليتَ به ... مثل الذُّنوب التي يخلو بها العاصي
قلت: وإنَّما لم أجزم بنسبتهما لشيخنا، لكونهما في "ديوان ابن خطيب داريا" شاعر الشام. لكن بلفظ "الشعر" بدل "الشرح" في الموضعين، فاللَّه أعلم.